Bez tytułu

لماذا تحتاج إيران إلى “حليف” مثل روسيا؟

 

لماذا تحتاج إيران إلى حليفمثل روسيا؟
في مقابلة أجراها السفير الروسي في العراق، إلبروس كوتراشيف، مع الصحفي حسام علي على قناة الشرقية، كشف عن غير قصد حقيقة ما يمكن أن يتوقعه حلفاءروسيا منها عندما يحتاجون إلى الدعم: لا شيء. الحرب بين إسرائيل وإيران سرعان ما أكدت هذه الحقيقة، رغم أن طهران كانت قد تلقت أدلة على خيانة موسكو قبل ذلك بوقت طويل.

في يناير 2025، كشفت وكالة تابناكالإيرانية أن روسيا تواطأت لصالح إسرائيلفي سوريا، حيث قامت، من بين أمور أخرى، بإيقاف الرادارات خلال غارة إسرائيلية استهدفت قادة إيرانيين على الأراضي السورية. ووفقًا للوكالة الإيرانية، فقد كان هذا مؤشراً واضحاً على وجود تعاون روسي مباشر مع المشروع الإسرائيلي في المنطقة. كما أن موسكو عرقلت الدعم الإيراني للرئيس بشار الأسد خلال هجوم شنه مقاتلو الجماعات الجهادية، وهو ما أدى إلى سقوط مناطق كبيرة من سيطرة النظام. كما أن عملاء مرتبطين بإسرائيل داخل الجيش السوري، وهم محسوبون على روسيا، قاموا بخيانة القائد الإيراني المسؤول عن الدفاع عن حلب، الجنرال بورحمشمي، وساهموا بشكل مباشر في اغتياله. فإذا حدث هذا في الماضي، فهل من المستبعد أن تكون روسيا قد ساعدت إسرائيل أيضاً في تحديد الأهداف خلال حرب الأيام الاثني عشرالأخيرة؟ المؤشرات كثيرة، والاحتمال وارد بقوة.

يجب على إيران أن تسأل نفسها: لماذا لم تبادر روسيا، رغم حصولها على طائرات مُسيّرة إيرانية من طراز شاهد، إلى تزويد طهران بمنظومة الدفاع الجوي S-400 أو الطائرات المقاتلة Su-35، رغم أن إيران كانت في أمسّ الحاجة إليها خلال المواجهة مع إسرائيل؟ الجواب على لسان السفير كوتراشيف نفسه، حيث قال بوضوح إن روسيا لا تدعم الهجمات على إسرائيل لأن هناك مليون إسرائيلي من أصول روسية يعيشون فيها“. ولعل الأهم من ذلك أن من بينهم عدد من الأوليغارش الروس المرتبطين بالكرملين، مثل رومان أبراموفيتش، الذين نقلوا ثرواتهم إلى إسرائيل لحمايتها من العقوبات الأمريكية.

لكن ألم توقع إيران وروسيا في موسكو، في بداية هذا العام، معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة؟! السفير كوتراشيف أوضح بصراحة ماذا تعني الشراكة الاستراتيجيةمن منظور روسي: ليست تحالفًا، ولا تتضمن أي التزام بالمساعدة في حال التعرض لهجوم، بل فقط وعد بعدم دعم المعتدي. يجب أن نقر بأن الرجل قال الحقيقة: إيران لم تتلقَّ أي مساعدة روسية خلال الهجوم الإسرائيلي، ولن تتلقاها لاحقًا. والسؤال الذي يجب طرحه هو: ما قيمة شراكة استراتيجيةكهذه؟!

وينطبق الأمر ذاته على المقاومةفي العراق. فلو قررت المشاركة في الحرب، فإن الدعم الروسي، بحسب كوتراشيف، لن يتجاوز الدعاء لها بالصمود“.

الحرب بين إيران وإسرائيل كانت بمثابة هدية لروسيا، ولكن قرار إيران بتهدئة التصعيد شكّل ضربة مؤلمة لموسكو. كانت روسيا تأمل أن تقوم طهران بإغلاق مضيق هرمز، وأن تُهاجم فصائل المقاومة في العراق السفارة الأمريكية وقاعدة عين الأسد“. لم تكن موسكو قلقة من احتمالية اندلاع حرب مدمرة وطويلة الأمد في إيران، أو اشتعال العراق من الداخل، لأن الأهم بالنسبة لها كان أن تُجرّ الولايات المتحدة إلى مستنقع جديد في الشرق الأوسط. وهي حرب لا تصبّ في مصلحة أمريكا، ولا العراق، ولا إيران، ولكنها تخدم روسيا بشكل مباشر.

في حال اندلاع مثل هذه الحرب، كانت روسيا ستستفيد على عدة أصعدة: أولًا، سيتم سحب القوات والموارد الأمريكية من أوكرانيا ووسط أوروبا، وهو ما يمنح موسكو فرصة للهجوم على دول البلطيق. ثانيًا، سترتفع أسعار النفط والغاز بشكل كبير – وهو أمر مفيد جدًا للاقتصاد الروسي. فروسيا لا تعتمد على مضيق هرمز، في حين أن إيران والعراق سيدفعان الثمن دمارًا وخسارة دون مكاسب تذكر.

في النهاية، يبقى السؤال: لمصلحة من تتحرك روسيا في المنطقة؟ وهل آن الأوان للبعض أن يطرح هذا السؤال على نفسه بصدق؟


Witold Repetowicz