Bez tytułu

النطاق الاستراتيجي لاستقرار مصر: البعد البولندي للتعاون في مجال الأمن

تعتبر بولندا استقرار مصر عنصرًا أساسيًا للأمن الإقليمي والعالمي، وتنظر إلى التعاون بين البلدين في إطار شامل. كما أكد وزير الخارجية البولندي السابق ياك تشابوتوفيتش عام 2019، تُعدّ مصر أحد أهم شركاء بولندا في إفريقيا والعالم العربي. خلال العقود الأخيرة، واجهت مصر أحداثًا إقليمية مضطربة، بدءًا من نشاط التنظيمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، مرورًا بالنزاعات في الدول والمناطق المجاورة مثل ليبيا والسودان وقطاع غزة. وقد أظهرت هذه التجارب أن التحديات الأمنية يجب أن تُفهم بصورة شاملة، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضًا من الجوانب الدبلوماسية والإنسانية. فالتنظيمات المتطرفة غالبًا ما تستغل حالة عدم الاستقرار والسخط الاجتماعي والأزمات الإنسانية لكسب التأييد. ولهذا السبب، نظرت بولندا بطبيعة الحال إلى دعم مصر ومنطقتها بوصفه جزءًا من استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار، مع فهم واضح بأن العمليات العسكرية يجب أن تُدمج بالمساعدات المدنية من أجل قطع جذور التطرف.

عندما وسّع تنظيم داعش وغيره من المقاتلين نطاق نشاطهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم يكن التهديد موجهًا إلى المجتمعات المحلية فحسب، بل إلى السلام الدولي أيضًا. وقد تعاملت كل من القاهرة ووارسو مع هذا التهديد بجدية. وأعربت بولندا عن تقديرها “للدور الريادي الذي تضطلع به مصر في شمال إفريقيا والشرق الأوسط” في معالجة مثل هذه الأزمات. ورغم أن بولندا ومصر شغلتا عضوية غير دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في فترات مختلفة (مصر بين عامي 2016–2017، وبولندا بين عامي 2018–2019)، فإن البلدين تبنيا أولويات متقاربة في مجال الأمن الدولي. فقد شددت كل من القاهرة ووارسو على أهمية احترام القانون الدولي، ومنع النزاعات، ومكافحة الإرهاب، ودعم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وقد ساهم هذا التقارب في المواقف في تعزيز التعاون بين البلدين ضمن إطار الأمم المتحدة ومن خلال الحوار الثنائي.

التعاون التنموي والإنساني بين بولندا ومصر

يشمل التعاون بين بولندا ومصر في مجال الأمن البعدَين التنموي والإنساني، ويتم تنفيذه في إطار برنامج “المساعدة البولندية” (Polska Pomoc). وتعكس هذه الجهود مبدأ التضامن الدولي وتندرج ضمن أهداف سياسة التعاون الإنمائي لبولندا، كما حددها قانون التعاون الإنمائي الصادر في 16 سبتمبر 2011، وكذلك البرنامج متعدد السنوات للتعاون الإنمائي 2021–2030 بعنوان “التضامن من أجل التنمية”. ورغم أن مصر لا تندرج ضمن قائمة الدول ذات الأولوية في هذا البرنامج، فقد استفادت من عدد من المشاريع التنموية الممولة من وزارة الخارجية البولندية. ومن الأمثلة على ذلك المشروع الذي نفذته السفارة البولندية في القاهرة عام 2022، والذي تم من خلاله تمويل تجهيز معمل حاسوب لمدرسة القديس مارك للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. كان الهدف من المشروع تقليص الفجوات التعليمية وتحسين فرص الوصول إلى أساليب التعليم الحديثة للأطفال المصابين بمتلازمة داون والإعاقة الذهنية. وعلى الرغم من أن هذه المبادرات محدودة النطاق، فإنها تندرج ضمن الاستراتيجية البولندية التي تربط التنمية الاجتماعية بالوقاية من النزاعات.

تركز السياسة البولندية للتعاون الإنمائي، وفقًا للبرنامج متعدد السنوات، على دعم التعليم والصحة وتكافؤ الفرص والإدارة الرشيدة والسلام وبناء مؤسسات قوية. وفي هذا السياق، تندرج المشاريع المنفذة في مصر – مثل تلك الموجهة إلى فلسطين – ضمن الهدف الأوسع المتمثل في بناء الاستقرار الاجتماعي والمؤسسي في منطقة الشرق الأوسط.

تلعب بولندا ومصر أدوارًا متكاملة في مواجهة الأزمات الإنسانية في منطقة شمال شرق إفريقيا والشرق الأوسط. فبولندا، التي تعمل أساسًا من خلال آليات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تقدم دعمًا ماليًا للمبادرات الهادفة إلى مساعدة المدنيين المتضررين من النزاعات في السودان وجنوب السودان وقطاع غزة. وخلال السنوات الأخيرة، قدمت وارسو تمويلًا لصالح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، إضافة إلى تمويل مشاريع تنموية ضمن برنامج “المساعدة البولندية”. ويُنفذ جزء من هذه الأنشطة لوجستيًا من الأراضي المصرية، التي أصبحت أحد المراكز الرئيسة للمساعدات الإنسانية في المنطقة، وقاعدة تشغيلية للوكالات الأممية التي تقدم الدعم للسكان الفلسطينيين.

أما مصر، كونها دولة مجاورة لمناطق الأزمات في السودان وغزة، فتؤدي دورًا محوريًا كمضيف للاجئين ومنسق للمساعدات الدولية. وتُعدّ الهياكل العاملة في القاهرة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية – بما في ذلك منظمة “كاريتاس بولندا” التي تنفذ برامج تعليمية للاجئين من إريتريا والسودان – مثالًا على التعاون بين المساعدات التنموية والإنسانية. وبهذا الشكل، تسهم بولندا من خلال دعم الجهود المصرية وتمويل الأنشطة التي تنفذها المؤسسات الدولية، في تخفيف العبء عن مصر في رعاية اللاجئين وتعزيز الاستقرار الإنساني في المنطقة بأسرها.

الحد من الهجرة غير الشرعية والأزمات الإقليمية

تواجه كلٌّ من بولندا ومصر تحديات متشابهة في مجال الهجرة، تجمع بين قضايا الأمن والبعد الإنساني والاستقرار الاجتماعي. فمصر، الواقعة عند نقطة التقاء إفريقيا والشرق الأوسط، تُعدّ من الدول الرئيسة المستضيفة للاجئين، في حين تُعدّ بولندا دولة حدودية للاتحاد الأوروبي تتأثر بتداعيات الهجرة القادمة من مناطق النزاعات. ويتفق البلدان على أن الحد من الهجرة غير الشرعية يتطلب دعم الاستقرار والتنمية في بلدان منشأ اللاجئين. ومن هذا المنطلق، تُكمل جهود بولندا ضمن برامج الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الإنسانية، مساعيَ مصر في مراقبة الحدود وتقديم المساعدة للاجئين، في تحقيق هدف واحد هو التخفيف من آثار الأزمات الإقليمية.

ومن الأمثلة العملية على ذلك مشاركة بولندا في بعثات الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر الأبيض المتوسط. فقد شاركت بولندا في عملية الاتحاد الأوروبي البحرية “صوفيا” (EUNAVFOR MED Sophia) خلال الأعوام 2018–2020، والتي هدفت إلى مكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر في البحر الأبيض المتوسط ودعم خفر السواحل الليبي. وبعد انتهاء هذه المهمة في 31 مارس 2020، واصلت بولندا مشاركتها في العملية التي خلفتها – “إيريني” (EUNAVFOR MED Irini) – التي تركز على تنفيذ حظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا. ومن خلال قوة قوامها نحو 120 جنديًا وطائرة استطلاع من طراز “بريزا”، تدعم بولندا جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى استقرار ليبيا والحد من الجريمة العابرة للحدود.

وعلى الرغم من أن بولندا ومصر لا تشاركان في بعثات مشتركة، فإن أنشطتهما تكمل بعضها البعض: فالقاهرة تؤمّن حدودها ومياهها الإقليمية في جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط، بينما تشارك وارسو في عمليات الاتحاد الأوروبي في جزئه الغربي. وبهذه الطريقة، يسعى البلدان إلى هدف مشترك يتمثل في تعزيز أمن المنطقة وتقليص مصادر عدم الاستقرار التي تؤثر على كلٍّ من أوروبا وشمال إفريقيا.

كما تتبنى بولندا ومصر مواقف متقاربة إزاء ظاهرة استغلال الهجرة والاتجار بالبشر لأغراض سياسية، وتريان أن أمن الحدود يتطلب الدمج بين الإجراءات الإنسانية والتنموية والإعلامية. ويدعم البلدان المبادرات الدولية الرامية إلى الحد من تهريب الأشخاص ومكافحة المعلومات المضللة المتعلقة بالهجرة.

التعاون العسكري والدفاعي

يتطور التعاون الدفاعي بين بولندا ومصر بشكل تدريجي، مستندًا إلى الاعتراف المتبادل بدور البلدين في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. فبولندا تنظر إلى مصر بوصفها شريكًا رئيسيًا للغرب في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما ترى مصر في بولندا عضوًا موثوقًا في التحالفات المناهضة للإرهاب وفي الاتحاد الأوروبي، يتمتع بخبرة ميدانية من خلال مشاركته في المهام الدولية، ما يجعله مساهمًا فعّالًا في الأمن العالمي. وخلال قمة مجموعة فيشغراد (V4)+مصر، أكد رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي أن “التعاون مع القاهرة هو شرط لاستقرار الاتحاد الأوروبي”، فيما أعربت بولندا عن تقديرها للدور الوسيط الذي تلعبه مصر في الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، وجهودها من أجل السلام في ليبيا وسوريا، ومساهمتها في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

تحافظ بولندا على وجود عسكري في العراق ضمن التزاماتها بمكافحة الإرهاب على المستوى الدولي. وبناءً على قرارات مجلس الوزراء وأوامر رئيس الجمهورية، تم تمديد تفويض الكتيبة العسكرية البولندية في جمهورية العراق، وكذلك في الأردن وقطر والكويت، حتى 31 ديسمبر 2025. ويبلغ عدد أفراد الكتيبة نحو 350 جنديًا وموظفًا مدنيًا موزعين على هذه الدول مجتمعة. وتتمثل مهام القوات البولندية في تقديم المشورة والتدريب والدعم اللوجستي ضمن إطار بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق (NATO Mission Iraq – NMI) التي تركز على المشورة الاستراتيجية وتدريب القيادات العسكرية، وكذلك ضمن إطار عملية التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (Operation Inherent Resolve). ولا يشارك الجنود البولنديون في القتال المباشر، بل يسهمون في استقرار المنطقة من خلال تعزيز قدرات القوات المسلحة والأمنية المحلية. وتشكل الخبرات التي اكتسبتها بولندا في العراق وأفغانستان رصيدًا مهمًا في تبادل المعرفة بمجال مكافحة الإرهاب. وتُعدّ هذه الخبرات ذات قيمة عملية وتحليلية بالنسبة لمصر التي تخوض منذ سنوات عمليات عسكرية ضد الجماعات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء. ويأخذ التعاون في هذا المجال شكل حوار خبراء وتبادل خبرات في المنتديات الدولية، مثل الحوار المتوسطي لحلف الناتو، الذي تُعدّ مصر أحد شركائه.

كما تتعاون مصر وبولندا ضمن الهياكل الدولية المكرّسة لدعم السلام. فمصر تُعدّ من أكبر المساهمين في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وقد عبّرت بولندا مرارًا عن تقديرها لهذا الدور، مؤكدة أن مشاركة الجنود المصريين في مهام حفظ السلام تسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي. وفي بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (UNIFIL)، يخدم الطاقمان البولندي والمصري جنبًا إلى جنب – بولندا بوحدة آلية وضباط أركان، ومصر بمراقبين عسكريين. وتوفر هذه البيئة فرصة لبناء التواصل والتفاهم المتبادل في الميدان العملي. كما يشمل الحوار السياسي–العسكري بين البلدين موضوع التعاون الصناعي–الدفاعي المحتمل، خصوصًا في مجال تحديث المعدات ذات المنشأ السوفييتي، حيث تمتلك بولندا خبرات تقنية متقدمة. وخلال الزيارات رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة الوزير ياك تشابوتوفيتش إلى القاهرة عام 2019 ومحادثات الوزير رادوسواف سيكورسكي مع نظيره المصري عام 2025، أكد الجانبان أهمية التعاون في مجالي الأمن والدفاع، ودعمهما المشترك للجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.

الجهود المشتركة في الدبلوماسية الإقليمية

يشكل تنسيق المواقف في السياسة الدولية بشأن استقرار الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أحد الأبعاد الرئيسة في التعاون بين بولندا ومصر. فكلا البلدين يؤيدان الحلول السياسية للنزاعات الإقليمية ويعملان على دعم جهود إعادة بناء المجتمعات بعد الحروب. وخلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي عام 2019، دعمت بولندا – بصفتها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – مبادرات القاهرة المتعلقة بليبيا والسودان، معتبرة خبرة مصر في الوساطة إسهامًا مهمًا في مسار السلام. كما دعمت بولندا “العملية البيرلينية” بشأن ليبيا، وأكدت في مداخلاتها أمام الأمم المتحدة أهمية التعاون الأوروبي والإفريقي لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وفي العام نفسه، شاركت مصر في مؤتمر وارسو “Ministerial to Promote a Future of Peace and Security in the Middle East” الذي استضافته بولندا والولايات المتحدة. ودعت بولندا مصر إلى المشاركة في أعمال مجموعات العمل التي أنشئت عقب المؤتمر، إدراكًا منها لأهمية الدور المصري في مناقشات الأمن والسلام الإقليميين. وخلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية البولندي ياك تشابوتوفيتش إلى القاهرة في أبريل 2019، أكدت بولندا “الدور الاستقراري لمصر” في معالجة الأزمات في ليبيا والسودان وفي عملية السلام الإسرائيلية–الفلسطينية.

ويُعدّ أحدث مثال على التعاون البولندي–المصري تنسيقهما الدبلوماسي في التعامل مع حرب إسرائيل–غزة وتداعياتها. فمصر، بصفتها الوسيط الرئيس في مفاوضات وقف إطلاق النار، نظمت سلسلة من الاجتماعات الدولية، من بينها قمة شرم الشيخ للسلام في أكتوبر 2025، المخصصة لبحث سبل إنهاء العمليات العسكرية ووضع خطة لإعادة إعمار قطاع غزة. وأعلنت بولندا دعمها الواضح لهذه المبادرات، معتبرة مصر شريكًا أساسيًا في مسار السلام. وفي 29 أكتوبر 2025، جرت مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي، حيث أطلع الوزير المصري نظيره البولندي على نتائج قمة شرم الشيخ، مؤكدًا أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وحشد الدعم الدولي المالي والتقني لإعادة إعمار غزة. ومن جانبها، أكدت بولندا دعمها لهذه الجهود واستعدادها للمشاركة في “المؤتمر الدولي لإعمار غزة” الذي تستعد مصر لاستضافته في القاهرة في نوفمبر 2025.

واصلت بولندا تعزيز هذا الموقف داخل الاتحاد الأوروبي من خلال توقيعها على بيانات مشتركة تدعو إلى حماية المدنيين وضمان الوصول الإنساني إلى غزة. وفي عام 2024 خصصت بولندا مليوني دولار أمريكي لدعم وكالات الأمم المتحدة (الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي) التي تقدم المساعدات للفلسطينيين المدنيين، وفي عام 2025 انضمت إلى تحالف الدول الداعية إلى الإبقاء على الممرات الطبية ومعالجة الجرحى من غزة. وتشكل هذه الجهود المنسقة – حيث تضطلع مصر بدور المنظم الإقليمي للعملية السلمية وتؤدي بولندا دور المانح والداعم في الاتحاد الأوروبي – مثالًا متكاملًا على التناغم الدبلوماسي لصالح السلام وإعادة الإعمار ومنع تجدد العنف.

ويُعدّ الحوار بين الثقافات والأديان أحد الجوانب المهمة – وإن كان أقل تناولًا إعلاميًا – في التعاون بين بولندا ومصر، إذ يسهم في تعزيز التسامح ومكافحة التطرف. ففي عام 2019، التقى وزير الخارجية البولندي ياك تشابوتوفيتش خلال زيارته إلى القاهرة بالبابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبالإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أرفع مرجعية في العالم الإسلامي السني. وتناولت المحادثات أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، والحوار بين الأديان، والتعاون في مواجهة أيديولوجيات الكراهية.

وفي مارس 2025، استقبل القائم بأعمال السفارة البولندية في القاهرة ميخاو موركوتشينسكي البابا تواضروس الثاني، حيث ناقشا أوضاع المسيحيين في مصر وحماية التراث الثقافي. وبعد أسابيع، زار البابا تواضروس الثاني بولندا، وفي 28 أبريل التقى الرئيس أندجي دودا في القصر الرئاسي، حيث تركزت المحادثات على حرية الدين ودور المسيحيين في العالم العربي واندماج الجالية القبطية في بولندا. وخلال الزيارة السابقة التي قام بها الرئيس البولندي إلى مصر، جرى التأكيد على أهمية التعاون مع المؤسسات الدينية مثل الأزهر في مكافحة التطرف ونشر ثقافة التعايش السلمي.

وتعبر بولندا باستمرار عن تضامنها مع مسيحيي الشرق الأوسط من خلال دعم مشاريع المساعدات التي تنفذها الكنيسة الكاثوليكية والمنظمات الخيرية. وتنسجم هذه الجهود مع المبادرات المصرية لتعزيز التماسك بين الطوائف الدينية. ورغم أن هذا التعاون لا يحمل طابعًا عسكريًا، فإنه يعزز الثقة المتبادلة، ويحد من التطرف، ويُعدّ عنصرًا أساسيًا في تحقيق الأمن الاجتماعي المستدام.

الخلاصة

ترتكز العلاقات بين بولندا ومصر على فهم مشترك لمفهوم الأمن بوصفه أوسع من مجرد الدفاع العسكري، إذ يشمل الأبعاد الدبلوماسية والإنسانية والتنموية والثقافية، التي تشكل معًا استراتيجية متكاملة لتحقيق استقرار المنطقة. وتدعم بولندا مصر باعتبارها شريكًا رئيسيًا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ووسيطًا في النزاعات، ومضيفًا للاجئين، ومركزًا للتعاون الدولي. وفي المقابل، تنظر مصر إلى بولندا كطرف موثوق من دول الاتحاد الأوروبي، يمتلك خبرة في مكافحة الإرهاب، وبناء المؤسسات، وتعزيز السلام.

وتُظهر الجهود المشتركة للبلدين – من المشاركة في المهام الدولية إلى المبادرات الإنسانية والحوار بين الأديان – أن تعزيز الأمن يمكن أن يتحقق من خلال التعاون الاستراتيجي وبناء الثقة بين الشعوب. ومن هذا المنطلق، تمثل الشراكة بين بولندا ومصر نموذجًا لنهج متكامل في تحقيق الاستقرار، يجمع بين قوة المؤسسات، والتضامن المجتمعي، والدبلوماسية القائمة على الاحترام المتبادل.