Bez tytułu

النقل العام وتطوير السكك الحديدية – النموذج والعرض البولندي للعراق

تتمتع بولندا بخبرة واسعة في تحديث شبكة السكك الحديدية الخاصة بها، بالإضافة إلى تطوير النقل العام في المدن. وفي المقابل، فإن الاحتياجات العراقية في هذا الصدد هائلة. يعتمد النقل العام بالكامل تقريباً على سيارات الأجرة الجماعية والحافلات الصغيرة، ولا يوجد مترو أو ترام، وخط السكة الحديد الوحيد العامل، الذي يربط البصرة ببغداد، قديم ومتهالك. إن تطوير شبكة النقل الجماعي في بغداد لن يحل مشكلة الاختناقات المرورية الهائلة التي تعيق الحركة فحسب، بل سيساهم أيضاً في تحسين جودة الهواء، وبالتالي الصحة العامة. لا يمكن لبغداد، التي يبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة وتشهد حالياً نمواً وتوسعاً ديناميكياً، أن تستمر في العمل بدون مترو وترام وحافلات. وتمتلك بولندا كلاً من المعرفة المتخصصة (know-how) في تخطيط النقل الحضري، والقدرات في بناء الأسطول والبنية التحتية للمواصلات.

لذلك، يمكن لبولندا أن تلعب دوراً رئيسياً في تصميم شبكات المترو في بغداد والموصل وأربيل ومدن أخرى، حيث تتمتع بخبرة حديثة في هذا المجال. على وجه الخصوص، يمكنها توفير خبرة شركات مثل ميتروبروجيكت (Metroprojekt)، التي كانت المصمم الرئيسي لمترو وارسو. هذه الخبرات حديثة، حيث يخضع مترو وارسو لتوسع مستمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصميم مترو وارسو يأخذ في الاعتبار الظروف المعقدة تحت الأرض ويتم تنفيذه في منطقة ذات كثافة عمرانية عالية وحركة مرور كثيفة. هذا النوع من الخبرة هو بالضبط ما يحتاجه العراق لتحقيق خططه في بناء المترو.

يمكن لبولندا أيضاً المساعدة في إصلاح نظام النقل العام بأكمله في بغداد والمدن العراقية الأخرى وإدخال الحافلات الحضرية والترام فيه. وفي هذا الصدد أيضاً، تتمتع بولندا بخبرة كبيرة جداً في التخطيط والتصميم. على وجه الخصوص، يمكن لبولندا تقديم الاستشارات في إنشاء هيئات حديثة لإدارة النقل العام تكون مستقلة عن الحكم المحلي ومسؤولة عن تكامل التعرفة والجداول الزمنية (للحافلات، الترام، المترو). يمكن أن يشمل العرض أيضاً تدريب المهندسين والمخططين على تحسين شبكة النقل وتطبيق أنظمة معلومات الركاب (اللوحات، التطبيقات)، بالإضافة إلى إطلاق برامج تبادل الطلاب والمهندسين من جامعة وارسو للتكنولوجيا وجامعة كراكوف للتكنولوجيا، لتدريب المتخصصين المحليين في بناء المترو، والأنفاق، وإدارة حركة المرور.

العرض البولندي للأسطول

يمكن لبولندا أيضاً تقديم عرض واسع النطاق لتوريد أسطول حديث يتميز بأسعار تنافسية ومصمم خصيصاً للظروف الصعبة. بولندا قوة عظمى في هذا المجال. ويشمل ذلك، على سبيل المثال، حافلات سولاريس (Solaris)، وهي شركة رائدة في إنتاج الحافلات الحضرية في أوروبا، وقد أدخلت حافلات ذات أرضية منخفضة في مدن بولندا وأوروبا. تعتبر سولاريس أيضاً رائدة في قطاع الحافلات الكهربائية وحافلات الهيدروجين، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية. كما أن عدد المركبات الكهربائية يتزايد بشكل حاد في العراق أيضاً. يشمل العرض البولندي للحافلات كلاً من الحافلات الحضرية وحافلات ما بين المدن، ومن بين المنتجين الآخرين أيضاً أوتوسان (Autosan) ونيسوباص (NesoBus). تقدم الأولى، بالإضافة إلى الحافلات الحضرية، حافلات متوسطة الحجم بين المدن، وهي مثالية للمسارات القصيرة. في المقابل، تقدم نيسوباص حافلات هيدروجينية حديثة.

يجب على العراق أيضاً التفكير في إدخال الترام في شوارع مدنه. على الرغم من أن وسيلة النقل هذه ليست شائعة جداً في الشرق الأوسط، إلا أن بعض البلدان، مثل تركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، تعمل على تطوير خطوط الترام في مدنها منذ سنوات عديدة. تجدر الإشارة إلى أنه في نهاية القرن العشرين، كان هناك اتجاه يعتبر الترام وسيلة نقل قديمة وتم إلغاء العديد من الخطوط. حدث هذا في كل من بولندا والعراق. ومع ذلك، يسود الاتجاه المعاكس منذ عدة سنوات، وفي بولندا، أعيد بناء العديد من قطاعات الترام التي ألغيت قبل بضع سنوات فقط، وبدأ إنشاء خطوط جديدة. يبلغ إجمالي طول خطوط الترام حالياً في بولندا أكثر من 2400 كم، وتعد شبكات الترام في وارسو وتكتل كاتوفيتشي من الأكبر والأحدث في أوروبا.

القطاع الثالث: عرض بولندا لتجهيزات السكك الحديدية والترام

لذلك، يمكن لبولندا أيضاً في هذه الحالة أن تقدم عرضاً واسع النطاق للغاية. يمكن لوارسو أن تشارك بغداد خبراتها في بناء خطوط ترام حديثة في وسط المدينة، بما في ذلك الأجزاء تحت الأرض والعقد، مثل الخط الذي يتم بناؤه حالياً لربط محطة وارسو الغربية (Dworzec Zachodni) بالمركز. يمكن لشركتي مودرترانس (Modertrans) وبيسا (Pesa) البولنديتين عرض أحدث أسطول ترام، والذي يمكن رؤيته الآن في العديد من المدن الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا ورومانيا وبلغاريا والمجر وأوكرانيا وإستونيا وسلوفاكيا. تتمتع الشركات البولندية أيضاً بخبرة واسعة في بناء مسارات الترام والبنية التحتية المصاحبة، ونفذت عقوداً في هذا المجال في ألمانيا وليتوانيا وسلوفاكيا ولاتفيا وغيرها.

كما أن تحديث شبكة السكك الحديدية وتوسيعها يمثل حاجة ملحة للعراق. حالياً، يربط خط السكة الحديد الوحيد العامل بين البصرة وبغداد، ولكنه يتطلب تحديثاً عاجلاً. يعمل أيضاً منذ عام مقطع بطول 100 كيلومتر من بغداد إلى الرمادي. في غضون ذلك، فإن مشروع طريق التنمية العراقي (Iraqi Development Road) الطموح، الذي يهدف إلى ربط ميناء الفاو الكبير (Grand Faw) الجديد على الخليج العربي بأوروبا عبر تركيا، يتطلب إنشاء خط سكة حديد حديث. تعمل تركيا على تطوير وتحديث شبكة السكك الحديدية الخاصة بها منذ سنوات عديدة، وكل ما هو مطلوب لربطها بالحدود العراقية هو بناء مقطع بطول 150 كيلومتراً فقط من قورتالان (Kurtalan). ولكن يتعين على العراق إعادة بناء شبكة السكك الحديدية الخاصة به، خاصة من بغداد إلى الموصل، ثم بناء مقطع جديد إلى الحدود التركية. ومع ذلك، هذه ليست سوى الخطوة الأولى، حيث من الضروري أيضاً ربط مدن عراقية أخرى بشبكة السكك الحديدية، بما في ذلك إقليم كردستان. ومن المعروف أيضاً أن السلطات العراقية تولي هذا الأمر أهمية كبيرة، وفي حزيران/يونيو 2025، تم الإعلان عن تمويل من البنك الدولي بقيمة 930 مليون دولار أمريكي لمشروع توسيع وتحديث السكك الحديدية العراقية (IREM – Iraq Railways Extension and Modernization)، والذي بموجبه سيتم تحديث خط الموصل – أم قصر، البالغ طوله الإجمالي 1047 كيلومتراً.

القطاع الرابع: الخبرة البولندية في السكك الحديدية والمساهمة التاريخية

تعد بولندا شريكاً مثالياً لتنفيذ هذا المشروع، حيث تتمتع بخبرة هائلة في تحديث خطوط السكك الحديدية وقدرات في إنتاج أسطول السكك الحديدية وبناء البنية التحتية، بما في ذلك الجر والمسارات، بالإضافة إلى محطات القطار الحديثة. على مدى السنوات العشر الماضية، خصصت بولندا حوالي 25 مليار دولار أمريكي لتحديث حوالي 9 آلاف كيلومتر من المسارات، وكانت النتيجة تقصير وقت السفر، على سبيل المثال، تم اختصار رحلة 320 كيلومتراً من غدانسك إلى وارسو من 3.5 ساعة إلى 2.5 ساعة. ومن المتوقع أن تؤدي المراحل التالية من التحديث، المرتبطة بمشروع السكك الحديدية عالية السرعة، إلى تقصير مسار 350 كيلومتراً من وارسو إلى فروتسواف إلى 96 دقيقة، على سبيل المثال.

تعد شركتا بيسا (Pesa) ونيواغ (Newag) البولنديتان عملاقين في سوق إنتاج أسطول السكك الحديدية وتوسعان نطاقهما بشكل متزايد في الأسواق الخارجية. عروضهما هي الحل الأمثل للعراق. تنتج شركة بيسا ومقرها بيدغوشتش، من بين أمور أخرى، قطارات بيسا دارت (Pesa Dart) الأنيقة لمسافات طويلة، والتي غالباً ما يطلق عليها اسم “بندولينو البولندي”، بالإضافة إلى قطارات إلف (Elf) (وحدات السكك الحديدية الكهربائية) التي تحظى بشعبية في النقل الإقليمي. بيسا هي الرائدة في تكنولوجيا الهيدروجين في هذا الجزء من أوروبا، حيث تنتج قاطرة هيدروجينية (SM42-6Dn). قامت بيسا بتوريد قطارات “لينك” لشركة دويتشه بان (Deutsche Bahn) الألمانية، وفازت أيضاً بعقود ضخمة في رومانيا (لأكثر من 60 قطاراً) وفي جمهورية التشيك. في المقابل، تركز نيواغ (Newag)، ومقرها نوي سونتس، على الموثوقية والهندسة والتوافر العالي للأسطول. بنت الشركة على مر السنين مكانتها كشركة رائدة في قطاع القاطرات الكهربائية. من بين منتجاتها الرئيسية: قطارات إمبولس (Impuls) الإقليمية؛ وقاطرة الشحن الثقيلة ذات المحاور الستة دراغون (Dragon) – وهي منجز بولندي للتصدير والتقنية، مثالية لسحب القطارات الثقيلة المحملة بالفحم أو الركام؛ وقاطرة الركاب السريعة غريفين (Griffin) (تطور 200 كم/ساعة).

نفذت شركات البناء البولندية في السنوات الأخيرة أيضاً العديد من الطلبات المتعلقة بمد المسارات وإنشاء شبكات الجر، سواء في بولندا أو في الخارج. على سبيل المثال، تنشط شركة ZUE S.A. ومقرها كراكوف في السوق الألمانية (دويتشه بان) والسلوفاكية، وتنشط شركة Trakcja S.A. جداً في ليتوانيا، حيث تنفذ عقوداً ضخمة كجزء من مشروع رايل بالتيكا (Rail Baltica) (بناء خطوط سكك حديدية جديدة ستربط بولندا بدول البلطيق في المستقبل). وفي الوقت نفسه، فازت شركة البناء البولندية العملاقة بوديميكس (Budimex) بعقد مرموق لبناء جزء من رايل بالتيكا في لاتفيا/إستونيا. تدخل هذه الشركة بقوة متزايدة أيضاً الأسواق التشيكية والسلوفاكية والألمانية، مستهدفة مشاريع البنية التحتية الكبيرة. في المقابل، يمكن لمجموعة الصناعات الدفاعية البولندية (PGZ)، بصفتها مالك H. Cegielski – FPS، توريد عربات السكك الحديدية.

لقد لعبت بولندا بالفعل دوراً رئيسياً في بناء شبكة النقل في العراق في الماضي، وكان الطرفان راضيين عن ذلك. حان الوقت للعودة إلى الجذور. العراق لديه احتياجات، وبولندا لديها القدرات والخبرة.