Bez tytułu

الأنشطة الدعائية الموجهة ضد تصور الغرب والقيم الديمقراطية في مصر

* * *

الموجهة ضد تصور الغرب والقيم الديمقراطية في مصر

* * *

مصر، الواقعة في موقع استراتيجي عند تقاطع إفريقيا والشرق الأوسط، لطالما كانت نقطة مرجعية رئيسية لمبادرات سياسية واجتماعية متنوعة. ونظرًا لأهميتها الجيوسياسية، أصبحت البلاد في قلب أنشطة دعائية معقدة، وغالبًا ما تكون متنافسة، تهدف إلى تشكيل الرأي العام باتجاه عدم الثقة في الغرب والقيم الديمقراطية. هنا تتقاطع تأثيرات القوى العالمية، مثل روسيا والصين، التي تحاول تعزيز مكانتها في المنطقة، مع الحلفاء الغربيين التقليديين الذين لا يزالون يلعبون دورًا مهمًا في السياسة والاقتصاد المصري.

وفي الوقت نفسه، يُظهر المجتمع المصري، الذي تأثر على مر السنين بالتدخلات الخارجية والتوترات الداخلية العديدة، قابلية للتأثر بالسرديات التي تدعم النماذج المحافظة والسلطوية للحكم. وفي ظل الوضع الاقتصادي غير المستقر والذكريات الحية للعصر الاستعماري، يجد الخطاب المناهض للغرب أرضية خصبة بسهولة، ويحظى بدعم إضافي في وسائل الإعلام الحكومية وغير الحكومية. وعلى الرغم من أن الشعور بالتهديد من الغرب يظل أحد الموضوعات البارزة، لا يمكن إغفال العوامل الثقافية أو التاريخية التي تؤثر على توزيع الميول السياسية. وفهم هذه الظواهر هو المفتاح لتطوير طرق فعالة لمواجهة المعلومات المضللة ودعم مواقف أكثر انفتاحًا وديمقراطية في المنطقة.

المادة التالية هي أحد فصول تقرير: دراسة بيئة المعلومات في مصر، وتوضح حجم وسياق وعناصر الأنشطة التضليلية الموجهة ضد القيم الديمقراطية وتصوير الغرب في مصر. والملاحظات والتوصيات الواردة فيه ذات أهمية ليس فقط للمتخصصين في مجالات الاتصال أو الأمن، ولكن أيضًا للمنظمات غير الحكومية والبيئات الأكاديمية والمواطنين المهتمين بمستقبل مصر.

الروايات الدعائية الرئيسية

1. الغرب كعدواني
يُصوَّر الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة والناتو، كأنه المحرّض على الصراعات العالمية، لا سيما في سياق الحرب في أوكرانيا. تُبرز الروايات فكرة أن روسيا أُجبرت على الدفاعضد الناتو. كما تُسلط الضوء على تدخلات الغرب في منطقة الشرق الأوسط (العراق، ليبيا، أفغانستان)، وتُقدَّم على أنها تحركات مدفوعة فقط بالمصالح الاقتصادية والجيوسياسية.

2. الديمقراطية كأداة للسيطرة
تُعرض الديمقراطية وحقوق الإنسان كأدوات للسيطرة النيوكولونيالية التي يستخدمها الغرب للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر والدول النامية الأخرى.
على سبيل المثال، تُنتقد المؤسسات المالية الغربية (مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) باعتبارها أدوات للاستغلال الاقتصادي.

3. ازدواجية المعايير
يتهم الغرب بالنفاق، حيث يدعم حقوق الإنسان في مناطق معينة بينما يتجاهل الانتهاكات في الدول الحليفة له، مثل إسرائيل، وهو ما يثير إحباطًا خاصًا في مصر.

4. الهيمنة الثقافية
تُصوَّر وسائل الإعلام الغربية على أنها تروّج للإسلاموفوبيا وتؤجج العداء تجاه المسلمين واللاجئين. كما تُبرز محاولات الغرب لفرض قيم ثقافية تتعارض مع الهوية الوطنية المصرية.

5. انتقاد السياسة الخارجية للغرب
تُظهر وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالعربية الولايات المتحدة كدولة تسعى للحفاظ على الهيمنة العالمية من خلال التلاعبات المالية والسياسية، بهدف إضعاف الدول الأخرى وإبقائها تحت التبعية للمصالح الأمريكية.
تُقدَّم الاتحاد الأوروبي على أنه تابع للسياسة الأمريكية، حتى لو كان ذلك على حساب مصالحه الاقتصادية والطاقة، مما يؤدي إلى أزمات داخلية وإضعاف مكانة أوروبا دوليًا.

6. التشكيك في وحدة وفعالية الناتو
يُصوَّر الناتو كتحالف غير قادر على التعامل بفعالية مع التحديات الحديثة، وغالبًا ما تكون إجراءاته غير متسقة وغير فعالة.
تشير وسائل الإعلام الروسية إلى الانقسامات الداخلية وغياب التوافق داخل الناتو، مما يؤدي إلى إضعاف موقعه كضامن عالمي للأمن.

7. تصوير القادة الغربيين بشكل سلبي
يُظهر القادة الغربيون أحيانًا كغير أكفاء أو يتصرفون ضد مصالح شعوبهم، بهدف تقويض سلطتهم وشرعيتهم.
تُبرز الروايات أخطاءهم وإخفاقاتهم السياسية، سواء على الصعيد الدولي أو الداخلي، مما يهدف إلى إثارة عدم الثقة تجاه القادة الغربيين.

8. دعم التحالفات والاتفاقيات البديلة
تُروَّج مبادرات مثل مجموعة بريكسكبديل حقيقي للهياكل الاقتصادية والسياسية الغربية، مع الإشارة إلى أن التعاون مع الدول خارج الغرب يوفر فوائد أكبر واستقرارًا أفضل.
تُبرز وسائل الإعلام الروسية النجاحات الناتجة عن التعاون مع دول مثل الصين، وتُقدمها كنموذج للشراكة الفعالة، على عكس العلاقات مع الغرب.

تحليل الروايات

تشير محتويات المنشورات التي تُصدرها وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالعربية إلى هيمنة الروايات التي تنتقد السياسة الخارجية والداخلية للدول الغربية، وتشكك في وحدة وفعالية الناتو، وتروج للتحالفات البديلة كخيارات أكثر فائدة للدول مثل مصر. غالبًا ما يتم تقديم القادة الغربيين بصورة سلبية، بهدف إضعاف مكانتهم في أعين الرأي العام المصري.

الآليات الدعائية

1. القنوات والمصادر

وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية:
تستخدم الوكالات الحكومية الروسية مثل (Sputnik، RT) والمنصات الصينية مثل @mog_china لنشر محتوى يستهدف تقويض مكانة الناتو والغرب.

وسائل الإعلام المحلية:
تكرر المنصات الإعلامية المصرية بعض الروايات القادمة من الخارج، مما يعزز تأثيرها من خلال التركيز على الأحقاد التاريخية ضد الاستعمار.

2. التقنيات

التلاعب بالحقائق:
يُستغل إخراج المعلومات من سياقها، مثل الأحداث المأساوية المرتبطة بالمهاجرين، لتقديم الغرب كقوة مزعزعة للاستقرار.
كما يُعزز الخطاب بشأن خطط الغرب للسيطرة على مصر من خلال الديون والتدخل في السياسة الداخلية“.

السرديات العاطفية:
يُستغل تناول المواضيع الحساسة، مثل حقوق الفلسطينيين، لتعزيز انعدام الثقة تجاه الغرب.

التأثير على الرأي العام

1. تصور الغرب

يُنظر إلى الغرب كقوة مهيمنة تسعى لفرض مصالحها السياسية والاقتصادية على مصر.

الإعجاب بـالقيادة القويةلفلاديمير بوتين في مواجهة الغرب يعزز الصورة الإيجابية لروسيا، خصوصًا بين المجموعات الاجتماعية المحافظة.

2. التأثير على القيم الديمقراطية

تُعزز الدعاية الشكوك تجاه الديمقراطية كنظام سياسي، مع الترويج لنماذج بديلة للحكم مثل الاستبداد المستقر“.

3. التوترات الاجتماعية

تُعمّق الروايات الدعائية الانقسامات بين المؤيدين للإصلاحات المؤيدة للغرب والتقليديين الذين يرون الديمقراطية كتهديد للهوية الثقافية لمصر.

رأي الخبير

وفقًا للتشاور مع الشريك المحلي، يظهر المجتمع المصري قابلية عميقة لتبني السرديات المناهضة للغرب نتيجة لانعدام الثقة التاريخي تجاه القوى الخارجية والاعتقاد السائد بتدخل الغرب في شؤون المنطقة. يشير الخبير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بين الشباب، هي الوسيلة الرئيسية لنقل هذه السرديات. كما تم التأكيد على ضرورة تطوير مبادرات تعليمية لتعزيز مقاومة المجتمع للمعلومات المضللة.

وفي الوقت نفسه، يرى الخبير أن المجتمع المصري يُظهر ميولًا قوية نحو روسيا والصين، نابعة من تصور هاتين الدولتين كقوى متوازنة في مواجهة الهيمنة الغربية. تُعتبر روسيا والصين لاعبين عادلينفي السياسة العالمية، وتحظى رواياتهما بدعم واسع في وسائل الإعلام المصرية. كما أن المبادرات مثل مجموعة بريكستعزز التصورات الإيجابية، من خلال التأكيد على دورها في مكافحة التفاوتات الاقتصادية.

يشير الخبير إلى أن روسيا، من خلال اتفاقياتها مع مصر في القطاع الإعلامي، تعزز وجودها وتؤثر على السرديات الإعلامية في المنطقة. ويضيف أن تعاطف المصريين مع روسيا والصين ينبع من قدرتهما على تقديم نفسيهما كقوى متوازنة ضد الهيمنة الغربية.

في الوقت ذاته، ورغم الحذر المصري في التعامل مع الغرب، فإن الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة وأوروبا يلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل سياسات البلاد. ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام المصرية، التي تُظهر استعدادًا أكبر للترويج للسرديات المؤيدة لروسيا، قد تصبح في المستقبل ساحة رئيسية لمزيد من الأنشطة الدعائية الموجهة ضد الغرب.

التوصيات

1. التواصل الاستباقي

دعم وسائل الإعلام المستقلة في مصر التي تروج لمعلومات دقيقة حول القيم الديمقراطية وفوائد التعاون الدولي.

2. الحملات التوعوية

إطلاق مبادرات تستهدف رفع وعي الشباب بأهمية التفكير النقدي والتحقق من المعلومات، مما يساهم في تقليل تأثير السرديات الزائفة.

3. الشراكات الاستراتيجية

تعزيز التعاون مع المؤسسات الأكاديمية المصرية والمنظمات غير الحكومية لبناء الثقة المجتمعية في القيم الديمقراطية.

4. الرد على المعلومات المضللة

تطوير مشاريع إقليمية للتحقق من الحقائق (Fact-Checking) تستجيب بسرعة للمعلومات الزائفة المتعلقة بالغرب والديمقراطية.

الخلاصة

لطالما سعى مصر لتحقيق الاستقرار وإيجاد حلول تضمن لها مكانة قوية على الساحة الدولية. ومع ذلك، تُظهر الظواهر المذكورة في هذا المقال أن علاقات مصر مع بقية العالم لا تزال تواجه تحديات عديدة – بدءًا من التوترات التاريخية وصولًا إلى التلاعبات السياسية الخارجية. تعتمد الأنشطة الدعائية في مصر على أسس اجتماعية وثقافية قوية، مما يبرز أهمية تبني نهج شامل للتعامل مع مشكلة المعلومات المضللة.

إن عدم الثقة المستمر تجاه الغرب والديمقراطية ليس فقط نتيجة للحملات الإعلامية الحالية، بل هو أيضًا نتيجة لتجارب طويلة عاشها المجتمع المصري مع الاستعمار، الحروب في المنطقة، والاعتماد الاقتصادي على الجهات الخارجية. وكما تُظهر التوصيات، فإن المفتاح لتغيير هذه المواقف يكمن في دعم وسائل الإعلام المستقلة، المبادرات التعليمية، وشبكات التحقق من الحقائق الإقليمية التي يمكن أن تكشف بشكل موثوق التلاعبات الإعلامية.

وبالتالي، تواجه مصر المعاصرة معضلة: هل تتبع الاستقرار الذي يراه الكثيرون في تحالفاتها مع القوى السلطوية، أم تبذل جهودًا لتعزيز الديمقراطية والتعاون الدولي القائم على الشراكة؟ ما هو مؤكد أن الوعي المجتمعي والقدرة على التفكير النقدي يشكلان شرطين أساسيين للحفاظ على السيادة المعلوماتية واختيار مسارات التنمية التي تحقق مصلحة المواطنين. ولهذا السبب – إلى جانب دعم الصحافة الموضوعية وتعددية وسائل الإعلام – تبرز أهمية بناء تحالف واسع يضم المؤسسات العامة، المنظمات غير الحكومية، والجهات الدولية، لدعم مصر في مواجهة تحديات عصر المعلومات المضللة.

* * *

مهمة عامة ممولة من وزارة الخارجية لجمهورية بولندا في إطار مسابقة “الدبلوماسية العامة 2024-2025: البعد الأوروبي ومكافحة التضليل الإعلامي.”

تعبر هذه المنشور فقط عن آراء المؤلف ولا يمكن أن تُعتبر تعبيراً عن الموقف الرسمي لوزارة الخارجية لجمهورية بولندا.