Bez tytułu

التعاون الأمني بين بولندا والعراق يشمل أيضًا المساعدات الإنسانية


تفهم بولندا أهمية استقرار العراق للأمن الدولي وترى أن هذا الموضوع يجب النظر إليه على نحوٍ شامل. فعندما سيطر تنظيم داعش على مساحاتٍ واسعة من العراق عام 2014، كان تحرير تلك المناطق وتدمير هذا التنظيم الإرهابي في مصلحة ليس العراق فحسب، بل العالم المتحضر بأسره، بما في ذلك بولندا. ولم تتطلّب مكافحة داعش الجهد العسكري فقط، بل المساعدة الإنسانية أيضًا. يزدهر الإرهابيون على المشاعر السلبية مثل الشعور بالظلم، والرغبة في الانتقام، والكراهية، ويستغلون الأوضاع الصعبة للتلاعب بعقول اليائسين، وخصوصًا الأطفال والشباب. ولهذا السبب نفذت منظمات إنسانية بولندية مثل المركز البولندي للمساعدة الدولية (PCPM) والعمل الإنساني البولندي (PAH) والبعثة الطبية البولندية (PMM) وحُرّاس النسر وكاريتاس وعون الكنيسة المتألمة العديد من مشاريع المساعدة في العراق. وقد قُدمت المساعدات البولندية مباشرةً عبر تمويل وزارة الخارجية البولندية لمشاريع المنظمات المذكورة وجمع التبرعات، وكذلك بشكلٍ غير مباشر عبر المساهمات في صناديق الأمم المتحدة المخصّصة لمشاريع في العراق.

يُعد العمل الإنساني البولندي (PAH) من أشهر المنظمات الإغاثية وأكثرها خبرة في بولندا. وفي العراق، ومنذ عام 2016، كان يقدّم المساعدة للأسر المتضررة من داعش، بما في ذلك النازحون من المناطق التي استولى عليها الإرهابيون. وتركزت أنشطة PAH أساسًا في إقليم كردستان ومدينة الموصل. وفي إقليم كردستان شملت المساعدات تقديم الدعم الطارئ والمالي لأفقر الأسر، والتدريب المهني، والمساعدة القانونية، بما في ذلك مساعدة الأطفال الذين حرموا من الوثائق الثبوتية بسبب الحرب على استخراجها. وفي مخيمات النازحين داخليًا وفّرت المنظمة الوصول إلى مياه نظيفة وأدارت جمع النفايات وبناء أنظمة تصريف الصرف الصحي. وأولت المنظمة أهمية كبيرة للترويج لممارسات النظافة، مع مراعاة الظروف الاجتماعية المحلية؛ لذا فُصلت المراحيض والحمامات حسب الجنس، ووُفرت الإضاءة لضمان الوصول الآمن إليها. كما قامت PAH بتوظيف سكان المخيمات في هذه الأنشطة لتأمين فرص عمل ومصدر دخل لهم. وفي الموصل، كانت PAH من أوائل المنظمات التي دخلت الأحياء الشرقية للمدينة أثناء تحريرها على يد القوات العراقية لمساعدة السكان على تجاوز تلك الفترة الصعبة. ونفّذت فرق PAH جهودًا مكثفة لتحسين معايير النظافة وتثقيف المجتمع المحلي حول الوقاية من العدوى. إضافةً إلى ذلك، وبالتعاون مع مديرية التربية، حدّثت PAH البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في 11 مدرسة وشاركت في إعادة إعمار شبكات المياه والمجاري.

اكتسب المركز البولندي للمساعدة الدولية (PCPM) سمعةً كواحد من أفضل المنظمات الإنسانية في العالم. ففي عام 2018 قدّم 500 منزلٍ معياري مجهّز بالكامل للعائلات العائدة إلى الموصل التي دمّرتها الحرب. ووفّرت هذه المنازل مأوى مؤقتًا ريثما تُعاد إعمار المساكن الدائمة، وأصبحت رمزًا للمساعدة البولندية. علاوةً على ذلك، نفّذ PCPM مشاريع هدفت إلى إعادة بناء الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، على سبيل المثال من خلال إنشاء سوق محلي في بلدة تلكيف يتيح للمزارعين بيع منتجاتهم. كما نفّذت المنظمة تدريبات وقدّمت دعمًا مؤسسيًا على شكل مساعدةٍ للحكومات المحلية في التخطيط العمراني وإدارة الأزمات.

ومنذ عام 2016 ركّزت البعثة الطبية البولندية (PMM) نشاطها في العراق على تقديم الرعاية الصحية للاجئين والنازحين داخليًا. ولهذا الغرض شغّلت عيادات ثابتة في مخيمات اللاجئين (بما في ذلك بهركه وحرشام) وعيادات متنقلة تصل إلى القرى النائية لتقديم الرعاية الصحية الأساسية فضلًا عن الاستشارات للأطفال والنساء. كما أطلقت المنظمة عيادات للأسنان داخل المخيمات، ميسّرةً الوصول إلى خدمات غالبًا ما كانت متعذّرة ماليًا على اللاجئين. وقدّمت كذلك دعمًا نفسيًا للمصابين بصدمات الحرب وضغوط النزوح.

ومن المنظمات المنخرطة بقوة في مساعدة العراقيين حُرّاس النسر. فقد خطرت فكرة تقديم المساعدة الإنسانية لمؤسسها بارتوش روتكوفسكي وهو في منزله يشاهد تقريرًا تلفزيونيًا عن مأساة الإيزيديين. وبعد بضعة أشهر توجّه إلى العراق مع أول شحنة مساعدات. وتدعم هذه المنظمة على وجه الخصوص مركزًا للأطفال والنساء الإيزيديات في خنكة، وتساعد في تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل شراء الوقود للحافلة والمولّد الكهربائي والقرطاسية المدرسية. كما ساعدت حُرّاس النسر سكان المدن والقرى في نينوى التي حُرّرت من احتلال داعش عبر الإسهام في إعادة بناء المنازل وخلق فرص عمل (مثل دعم المشاريع العائلية الصغيرة كصالونات الحلاقة والورش الميكانيكية من خلال تزويدها بالمعدات)، ودعم الزراعة (مثل المساعدة في شراء الماشية)، وبناء وتجهيز المدارس والمراكز المجتمعية، وتمويل الدورات المهنية للبالغين، وخصوصًا النساء.

وقدّمت المنظمات الكاثوليكية مثل كاريتاس وعون الكنيسة المتألمة المساعدة أيضًا. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه المساعدات لم تكن موجهة للمسيحيين حصرًا، ولم ترفض هذه المنظمات مساعدة أي شخص على أساس ديانته. وكانت كاريتاس من أوائل المنظمات التي استجابت لأحداث عام 2014 المأساوية في العراق، وبالتعاون مع وزارة الخارجية البولندية ووزارة الدفاع الوطني، أوصلت أولى المساعدات العينية إلى اللاجئين. كما موّلت المنظمة تشغيل عيادة متنقلة ودعمت مشاريع تعليمية للأطفال المتأثرين بالنزاع. أما عون الكنيسة المتألمة فقد دعمت بالأساس إعادة إعمار المنازل في سهل نينوى، بما في ذلك في مدن مثل قره قوش وكرمليس وبرطلة. وبفضل دعمها أُعيد بناء نحو 14 ألف منزلٍ مدمّر. وساعدت المنظمة أيضًا في إعادة إعمار الكنائس وقدّمت مساعدات طارئة، ولا سيما لمئات الآلاف من المسيحيين الذين فرّوا إلى إقليم كردستان خلال الحرب مع داعش. وقد زوّدتهم بالغذاء وسدّدت إيجارات الشقق، ومولت مدارس مؤقتة داخل حاويات لضمان استمرارية تعليم الأطفال.

ويجدر إضافة أن تقديم مثل هذه المساعدات في فترة حرجة بالنسبة للعراق أسهم أيضًا في الحد من الهجرة من العراق إلى أوروبا، وهي ظاهرة سلبية بالنسبة للعراق والدول الأوروبية على حدٍ سواء. فمن منظور العراق كان ذلك يعني في كثير من الأحيان فقدان طاقاتٍ بشرية وعقولٍ يحتاجها البلد بشدة في تلك الأوقات العصيبة. وإضافة إلى ذلك، انخدع كثير من العراقيين بصورةٍ زائفة عن حياةٍ مزدهرة في أوروبا، وكثيرًا ما رغبوا بعد مواجهة الواقع في العودة إلى وطنهم بعد أن خسروا أموال السفر ودفعوا لوسطاء غالبًا ما كانوا مجرد محتالين. وقد تفاقمت هذه الظاهرة بعد أن بدأت بيلاروسيا وروسيا في تسليع ملف المهاجرين في إطار عمليةٍ هجينة ضد بولندا، ما أدى إلى مآسٍ لكثير من العراقيين. لذلك تسعى بولندا إلى التعاون مع العراق لمواجهة هذه الظاهرة السلبية. وإضافةً إلى المساعدات الإنسانية في فترة أزمة العراق، يشمل ذلك التعاون في مكافحة التضليل حول الهجرة ومكافحة المحتالين والمجرمين الذين ينظمون الاتجار بالبشر.

كما انضمّت بولندا إلى الائتلاف الدولي لمحاربة داعش ضمن عملية العزم الصلب (Operation Inherent Resolve). ومنذ عام 2016 يتمركز في العراق قوامٌ عسكري بولندي يبلغ 350 جنديًا يؤدّي مهام التدريب والإسناد والاستشارة الفنية. ويقدّم المدربون البولنديون، ومعظمهم من القوات الخاصة، تدريباتٍ متقدمةً للقوات الخاصة العراقية، ما يحسّن قدرتها على تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب بصورةٍ مستقلة. كما يدرّب المختصون البولنديون الكوادر الفنية العراقية على تشغيل وصيانة وإصلاح المعدات العسكرية، بما في ذلك المعدات ذات المنشأ السوفيتي السابق، ما يعزّز استقلالية الجيش العراقي وفعاليته. ويوفر فصيلٌ هندسي بولندي المشورة والتدريب على إنشاء وصيانة التحصينات وعلى تحييد العبوات الناسفة البدائية الصنع (IEDs).