التضليل الإعلامي في الفضاء الإعلامي اللبناني بعد وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل – أمثلة
* * * * * * التضليل الإعلامي في الفضاء الإعلامي اللبناني بعد وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل – أمثلة إن الصراع الدائر بين حزب الله وإسرائيل، وخاصة وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في 27 نوفمبر 2024، يرتبط بالعديد من المجهولات. فمن ناحية، كانت الرسائل الموجهة إلى اللبنانيين مليئة بالأمل والتشجيع على العودة إلى ديارهم، وخاصة بعد التوصل إلى اتفاق. ومن ناحية أخرى، وفي نفس الوقت تقريبًا، أفادت وسائل الإعلام عن هجمات وانتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار من قبل الجانبين. أمثلة على أنشطة التضليل: 1. ظهرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر مروحية إسرائيلية يُزعم أنها أسقطت في منطقة الخيام في جنوب لبنان. ووفقًا للمنشورات، كان من المفترض أن تنقل المروحية العديد من الجنود الإسرائيليين القتلى والجرحى. شارك أحد مستخدمي الفيسبوك الصورة مع التعليق: “تم إسقاط مروحية إسرائيلية للتو في منطقة الخيام في جنوب لبنان، أثناء نقل العديد من جنود الجيش الصهيوني القتلى والجرحى“. المصدر: https://www.newsmobile.in/nm-fact-checker/fact-check-post-claiming-israeli-helicopter-shot-down-in-lebanon-is-misleading/ التحقق من صحة الخبر: خطأ. عندما نبحث عن الصورة باستخدام البحث العكسي عن الصور على جوجل، نصادف تقريرًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل بتاريخ 20 مايو 2019 بعنوان: “مقاتلو حماس حاولوا إسقاط مروحية عسكرية إسرائيلية في أحدث جولة من القتال“. ووفقًا للتقرير، أطلقت المروحية الإسرائيلية قنابل ضوئية بعد أن حاولت خلية تابعة لحماس إسقاط مروحية عسكرية في قطاع غزة خلال اشتباكات عام 2019. في بعض الأحيان، يسمح شيء بسيط مثل استخدام أداة البحث عن الصور على جوجل بالتحقق السريع من صحة الخبر. رابط التقرير: https://www.timesofisrael.com/hamas-tried-to-down-an-idf-helicopter-during-fighting-this-month-report/ 2. تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صورة يُزعم أنها تُظهر انفجارات في حيفا في 26 نوفمبر 2024، في أعقاب هجمات صاروخية شنها حزب الله. المصدر: https://misbar.com/en/factcheck/2024/11/28/this-image-does-not-show-explosions-in-haifa-caused-by-hezbollah-rocket-strikes اكتسبت الصورة شعبية بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو اعترض صواريخ أطلقت من لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية، في منطقة حيفا. وأعلن حزب الله مسؤوليته عن قصف مدينة نهاريا ومواقع عسكرية إسرائيلية، بالإضافة إلى معسكرين في مرتفعات الجولان المحتلة. تدقيق الحقائق: خطأ. نشرت وسائل إعلام صورة بتاريخ 8 أكتوبر 2023 تظهر انفجاراً في ريشون لتسيون جنوب تل أبيب، بعد سقوط صواريخ أطلقتها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة. رابط المقال: https://espanol.almayadeen.net/noticias/politica/1754038/resistencia-palestina-marca-con-fuego-a–tel-aviv * * * مهمة عامة ممولة من وزارة الخارجية لجمهورية بولندا في إطار مسابقة “الدبلوماسية العامة 2024-2025: البعد الأوروبي ومكافحة التضليل الإعلامي.” تعبر هذه المنشور فقط عن آراء المؤلف ولا يمكن أن تُعتبر تعبيراً عن الموقف الرسمي لوزارة الخارجية لجمهورية بولندا.
كوتراشيف يضلل العراقيين – حلقة جديدة من دعاية السفير الروسي في العراق
تضليل آخر للسفير الروسي في العراق – تحليل أكد السفير الروسي إلبروس كوترشيف لقناة العهد العراقية الشيعية أن بلاده لا تؤمن بنوايا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لإنهاء الحرب الأوكرانية الروسية. وأشار كوترشيف في مقابلة لبرنامج “قبل الغد” إلى أن تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية تشير إلى أنه يريد التغيير، لكن “أميركا دولة لديها لوبي قوي يفرض إرادته على الرئيس“. وأضاف أن “الضغوط الداخلية أجبرت ترامب على اتخاذ خطوات عدائية ضد روسيا“، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن “ترامب يريد وقف الحرب الروسية الأوكرانية“. وبرأيه فإن “جماعات الضغط الأميركية التي تبيع الأسلحة والغاز تستفيد من ضعف أوروبا الاقتصادي“. وقال أيضا إن “بعض الدوائر الأميركية تريد تدمير العلاقات الروسية الأوروبية” وأن “مفاتيح أوكرانيا في أيدي أميركا“. وأكد أن “الحرب الروسية الأوكرانية لم تكن لتحدث لولا السياسة الأميركية السيئة“. وقد ظهرت رواية كاذبة مماثلة في لقاء كوتراشيف مع رئيس مجلس النواب العراقي الجديد محمود المشهداني، الذي صرح بأن “العراق يدعم الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية والحروب التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط“، داعياً “المجتمع الدولي إلى التدخل لإنهاء هذه الصراعات“. * * * ولأول مرة، لا يشارك “الدبلوماسيون” الروس بشكل نشط في عمليات التضليل التي تقوم بها روسيا على الساحة الدولية. ومن بين هؤلاء الأشخاص السفير الروسي في العراق، إلبروس كوتراشيف، الذي ينتهج بشكل منهجي سياسة إعلامية عدوانية، بما في ذلك الإجراءات التي تستهدف بشكل مباشر صورة بولندا. وينفذ كوتراشيف أجندة دعائية واسعة النطاق للكرملين، والتي تشكل جزءًا من بناء صورة زائفة للغرب – باعتباره عدوانيًا، ومسؤولًا عن اندلاع الحرب في أوكرانيا ويخطط لهجوم على روسيا. وعلاوة على ذلك، من أجل إضفاء الشرعية على الهجوم المسلح الذي تشنه روسيا على أوكرانيا، فإنه يزيف تاريخ الحرب العالمية الثانية * * * مهمة عامة ممولة من وزارة الخارجية لجمهورية بولندا في إطار مسابقة “الدبلوماسية العامة 2024-2025: البعد الأوروبي ومكافحة التضليل الإعلامي.” تعبر هذه المنشور فقط عن آراء المؤلف ولا يمكن أن تُعتبر تعبيراً عن الموقف الرسمي لوزارة الخارجية لجمهورية بولندا.
التضليل الإعلامي حول تدخل الناتو في بيلاروسيا و”دفاع روسيا عن أوكرانيا ضد بولندا” – عناصر من استراتيجية دعائية متكاملة لروسيا
كثفت الدعاية الإعلامية الروسية في الأسابيع الأخيرة جهودها لزعزعة الاستقرار في العلاقات بين الناتو وبولندا وأوكرانيا والدول المجاورة. ومن أمثلة الروايات الأحدث، الادعاء بخطة تدخل الناتو في بيلاروسيا انطلاقًا من أراضي بولندا وليتوانيا وأوكرانيا، والرواية الأخرى حول “دفاع روسيا وبيلاروسيا عن أوكرانيا” ضد عدوان بولندا، حيث تعتبر هذه الروايات جزءًا من استراتيجية تضليلية واسعة. يتم نشر هذه الروايات بشكل واسع في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، حيث نجحت روسيا لسنوات في التلاعب بالرأي العام وبناء صورة لنفسها كقوة موازنة للغرب. الرواية الأولى: “هجوم الناتو على بيلاروسيا“ نُشرت رواية التخطيط المزعوم لتدخل الناتو في جنوب غرب بيلاروسيا من خلال وسائل الإعلام الحكومية الروسية مثل وكالة “ريا نوفوستي“. وفقًا لهذه التقارير، تخطط بولندا وليتوانيا وأوكرانيا، بدعم من قوات الناتو، لشن عملية عسكرية ضد بيلاروسيا. تتضمن هذه المعلومات الزائفة عناصر رئيسية من الدعاية الروسية النموذجية: تصوير الناتو كعدو يزعزع استقرار أوروبا الشرقية. خلق صورة لبولندا وليتوانيا كدول إمبريالية تستغل أوكرانيا لتحقيق خطط توسعية. تعبئة الرأي العام حول فكرة “روسيا وحلفاؤها المحاصرون” الذين يُفترض أنهم يدافعون عن سيادتهم. تهدف هذه الرواية إلى إثارة الخوف في المنطقة وتقويض الثقة الدولية في الناتو، مع استهداف خاص لبولندا التي تلعب دورًا رئيسيًا في دعم أوكرانيا وتعزيز الجبهة الشرقية للتحالف. الرواية الثانية: “روسيا وبيلاروسيا تدافعان عن أوكرانيا ضد بولندا“ بالتوازي مع الرواية السابقة، تروّج روسيا لرواية متناقضة تدّعي أن بولندا هي المعتدية ضد أوكرانيا، بينما تعمل روسيا وبيلاروسيا كمدافعين عن سيادة أوكرانيا. وكما ورد في مقال على موقع “Disinfo Digest”، تهدف هذه الرواية إلى: خلق توترات بين بولندا وأوكرانيا، اللتين تُعتبران حليفين رئيسيين منذ بدء العدوان الروسي على أوكرانيا. تقويض دعم بولندا لأوكرانيا من خلال زرع الانقسامات الداخلية ونشر معلومات زائفة عن “الخطط الإمبريالية البولندية“. تستغل روسيا هذه التلاعبات لتحقيق تناقضات وفوضى بين الحلفاء، بينما تبني صورة لنفسها كدولة تدافع عن العدالة والاستقرار. الترابط بين الروايتين: استراتيجية التضليل الروسية تشكل الروايتان عن “عدوان الناتو على بيلاروسيا” و“دفاع روسيا وبيلاروسيا عن أوكرانيا” عناصر من حملة تضليل متكاملة تهدف إلى تحقيق أهداف أساسية عدة: تقويض وحدة الناتو والعلاقات بين الحلفاء من خلال نشر روايات متناقضة، تسعى روسيا إلى إضعاف التعاون بين أعضاء الناتو، خاصة على الجبهة الشرقية. تُعتبر بولندا وأوكرانيا أهدافًا رئيسية نظرًا لأهمية علاقتهما في دعم الدفاع الأوكراني ضد العدوان الروسي. تعزيز المشاعر المعادية للناتو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدم روسيا الناتو في كل من أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كقوة عدوانية وإمبريالية، ما ينسجم مع المشاعر المعادية للغرب في الدول ذات التاريخ الاستعماري. تبني هذه الدعاية صورة لروسيا كقوة عالمية بديلة تقاوم “الاستعمار الجديد” للغرب. إحداث فوضى معلوماتية يهدف الاستخدام المتعمد للروايات المتناقضة إلى إرباك المتلقين. فمن جهة، يتم تصوير الناتو كمعتدٍ على بيلاروسيا، ومن جهة أخرى، تُصوَّر بولندا كعدو لأوكرانيا. هذا النوع من الروايات يضعف الثقة في المؤسسات الدولية ويجعل من الصعب على الجمهور تقييم الوضع الحقيقي. تقديم روسيا كمدافع عن الاستقرار يتم تصوير روسيا وبيلاروسيا، في كلا الحالتين، على أنهما “قوتا الخير” اللتان تدافعان عن الدول الضعيفة ضد الطموحات الإمبريالية للغرب. أهداف التضليل الإعلامي: إضعاف العلاقات الدولية وحشد الدعم لروسيا تهدف الدعاية الروسية إلى تقويض العلاقات بين الناتو وبولندا وأوكرانيا وزعزعة استقرار الرأي العام في مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تتضمن هذه الأهداف: تقليل الدعم لأوكرانيا من خلال نشر روايات عن “الخطط الإمبريالية البولندية“. إضعاف مكانة الناتو كضامن للأمن في أوروبا الشرقية. تعزيز مكانة روسيا على الساحة الدولية كقوة بديلة تضمن النظام والاستقرار. الاستنتاجات والتوصيات تُشكِّل الدعاية الروسية، المستندة إلى روايات متناقضة حول الناتو وبولندا، جزءًا من استراتيجية إعلامية أوسع تهدف إلى زعزعة العلاقات الدولية وتعزيز مكانة روسيا. لمواجهة هذه التحركات، من الضروري: زيادة الوعي العام في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول آليات التضليل التي تستخدمها روسيا. تعزيز وحدة الناتو من خلال التصدي الفعال للتضليل وبناء خطاب مشترك قائم على الحقائق. تعزيز التواصل الشفاف بين بولندا وأوكرانيا وشركائهما الدوليين لمواجهة محاولات تقويض العلاقات الحليفة. يظل التضليل الإعلامي أحد الأدوات الرئيسية للسياسة الخارجية الروسية، وتتطلب فعاليته استجابة حاسمة ومنسقة من الدول الديمقراطية. الدعم المتبادل والاستراتيجيات المشتركة وزيادة وعي المجتمعات هي العناصر الأساسية لمواجهة التلاعب الإعلامي الروسي.
تثبيت نظام الدفاع الصاروخي في ريدزيكوڤو كهدف للهجمات الدعائية الروسية
كان ولا يزال تثبيت نظام الدفاع الصاروخي في ريدزيكوڤو هدفًا للهجمات الدعائية الروسية. تعتمد أحدث حملات الدعاية على التضليل وإطلاق التهديدات ضد بولندا. نقدم فيما يلي مجموعة من السرديات التي استخدمتها الدعاية الروسية خلال الأيام الأخيرة. لعب مسؤولون في جهاز التأثير – يُعرفون بـ”خبراء الشؤون العسكرية” – دورًا خاصًا في هذه الحملات، حيث تم الترويج لتصريحاتهم عبر قنوات الدعاية. خطوط الإقناع الحالية: 🔴 نظام الدفاع الصاروخي موجه ضد أمن روسيا.🔴 القاعدة في ريدزيكوڤو تهدد أمن بولندا، وتجبر روسيا على الرد، مما يعرض بولندا لخطر الانتقام النووي.🔴 يتم إجبار “البولنديين الحقيقيين” على الخضوع للهيمنة الأمريكية. قاعدة ريدزيكوڤو هي رمز لفقدان بولندا لسيادتها.🔴 يدعم القاعدة “المعاديون لروسيا” الذين لا يهتمون بالمواطنين البولنديين العاديين – الضحايا المزعومين للاستفزازات المناهضة لروسيا. يواصل النظام الدعائي الروسي حملاته المعتمدة على التضليل حول بولندا وحلف الناتو، واتهامهما بالعدائية والعدوانية، بهدف تصويرهما كتهديد للأمن الروسي. وقد أُدرجت قاعدة ريدزيكوڤو مرارًا ضمن هذه الروايات الكاذبة على مدار السنوات الماضية. تحليل المواضيع الرئيسية يكشف عن أبرز خطوط السرد الدعائي الروسي على مدار السنوات الخمس الأخيرة: 🔴 هي نتيجة للسياسات الإمبريالية للولايات المتحدة.🔴 تزيد من خطر الحرب والفناء النووي.🔴 كانت سببًا لانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة INF.🔴 ستؤدي إلى مقتل نصف سكان بولندا وأوروبا.🔴 المنشأة ذات طابع هجومي واستفزازي.🔴 مصممة لحمل رؤوس نووية.🔴 جزء من مساعي الولايات المتحدة للهيمنة واحتلال بولندا. مهمة عامة ممولة من وزارة الخارجية لجمهورية بولندا في إطار مسابقة “الدبلوماسية العامة 2024-2025: البعد الأوروبي ومكافحة التضليل الإعلامي.” تعبر هذه المنشور فقط عن آراء المؤلف ولا يمكن أن تُعتبر تعبيراً عن الموقف الرسمي لوزارة الخارجية لجمهورية بولندا.
التضليل الثانوي: كيف تستغل روسيا وقف إمدادات الغاز في عام 2022 في حملتها الدعائية الحالية
التضليل الثانوي: كيف تستغل روسيا وقف إمدادات الغاز في عام 2022 في حملتها الدعائية الحاليةفي بداية شهر نوفمبر من عام 2024، ظهرت منشورات على حسابات دعائية ناطقة بالعربية تروج للسردية الروسية، تشير إلى أن بولندا، ومن ثم بلغاريا والنمسا، وافقت على دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل. ووفقًا لهذه الادعاءات، يُزعم أن المفوضية الأوروبية قد سمحت لدول الاتحاد الأوروبي بشراء الغاز بالعملة الروسية في مواجهة أزمة مزعومة. ومع ذلك، كانت هذه المعلومات تشير إلى أحداث وقعت في الماضي، وتحديدًا في أبريل 2022، عندما أوقفت روسيا بالفعل إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا بسبب رفضهما الدفع بالروبل.في الواقع، ومنذ ذلك الوقت، نجحت بولندا وبلغاريا في تقليل اعتمادهما على الغاز الروسي بشكل كبير، حيث استثمرتا في مصادر طاقة بديلة. فما الذي يفسر عودة هذا السرد مجددًا؟ وما الهدف الذي تسعى إليه الكرملين من خلال تقديم أحداث تاريخية على أنها وقائع حالية؟في هذا المقال، سنحلل آليات التضليل الروسي ونبحث في أهدافه ضمن السياق الجيوسياسي الجديد. وتُعد هذه الدراسة حالة عملية لفهم كيفية استخدام روسيا للتضليل كأداة في حربها المعلوماتية، بهدف التلاعب بالرأي العام وتعزيز موقفها السياسي. آلية التضليل الإعلاميالسرديات الدعائية الروسية التي تشير إلى أحداث من الماضي، مثل تلك التي وقعت في أبريل 2022، تمثل مثالًا بارزًا على الاستخدام الاستراتيجي للتضليل الإعلامي في الحرب المعلوماتية التي يشنها الكرملين. يمكن تحليل الآلية المستخدمة في هذا السياق من خلال عدة محاور رئيسية.أولًا: التلاعب بالإدراك الزمني والأحداث.تعمل الدعاية الروسية عمدًا على تصوير الأحداث الماضية على أنها أحداث حالية، مما يؤدي إلى خلق فوضى معلوماتية. الجمهور، الذي قد يتذكر بعض هذه الأحداث من سنوات ماضية، غالبًا ما يواجه صعوبة في استحضار التفاصيل الدقيقة أو تواريخ تلك الأحداث. ينتج عن ذلك تشويش يصعب معه تقييم الأحداث بشكل صحيح من حيث تسلسلها الزمني. وفي النهاية، يؤدي التضليل الإعلامي إلى أن يصدق بعض المتلقين افتراضات خاطئة، مثل أن بولندا وبلغاريا ودولًا أخرى في الاتحاد الأوروبي قد غيّرت بالفعل مواقفها تجاه روسيا ووافقت على شروط الكرملين، مثل الدفع بالروبل مقابل الغاز.ثانيًا: تقويض التضامن الأوروبي.النص السردي الذي يوحي بأن دول الاتحاد الأوروبي وافقت على الدفع بالعملة الروسية يستهدف تقويض الوحدة داخل إطار السياسة الطاقوية المشتركة للاتحاد الأوروبي. مثل هذه الرسائل تخلق صورة لدول الأعضاء على أنها غير متماسكة وعرضة لضغوط موسكو، مما يضعف الثقة في الجهود الأوروبية لتعزيز تنويع مصادر الطاقة. تدمير الجبهة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبي ضد روسيا يظل أحد الأهداف الرئيسية للتضليل الروسي في سياق السياسة الطاقوية.ثالثًا: بناء وهم نجاح السياسة الروسية.تسعى روسيا من خلال هذه السرديات إلى تعزيز صورتها كفاعل قوي على الساحة الجيوسياسية، لا يزال يمتلك أدوات للضغط على الدول الأوروبية رغم العزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية. هذه السرديات تقدم روسيا كدولة مستقلة ومهيمنة عالميًا، تتصدى بفعالية لما يسمى “الإمبريالية الغربية”. وفي الفضاء الإعلامي العربي، تجد هذه الرسائل أرضًا خصبة نتيجة الشكوك التاريخية تجاه السياسات الأمريكية والأوروبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA).رابعًا: تعزيز صورة روسيا كشريك موثوق.تحاول روسيا إثارة التعاطف وبناء صورتها كشريك موثوق بديل للسياسات الأمريكية والأوروبية. تصوير دول الاتحاد الأوروبي على أنها “مهانة” من قبل روسيا ومجبرة على تقديم تنازلات، مثل الدفع بالروبل، يهدف إلى إضعاف مصداقية الغرب وتعزيز موقف الكرملين كشريك اقتصادي وسياسي أكثر استقرارًا في نظر دول الجنوب العالمي.هذا النوع من التضليل الإعلامي ليس عملًا عشوائيًا، بل هو جزء من استراتيجية مدروسة بعناية ضمن الحرب المعلوماتية الروسية الأوسع، التي تهدف إلى زعزعة استقرار أوروبا وتعزيز النفوذ الروسي على الساحة الدولية في آنٍ واحد.أهداف الدعاية الروسيةنشر التضليل الإعلامي، مثل السرد المتعلق بالدفع بالروبل، يهدف بشكل رئيسي إلى تحويل الانتباه عن المشكلات الحالية التي تواجهها روسيا. في أواخر أكتوبر وأوائل نوفمبر من عام 2024، كان الكرملين يواجه وضعًا صعبًا على المستويين الدولي والداخلي. أحد أبرز التحديات كان الوضع الجيوسياسي المتوتر الناتج عن استمرار الحرب في أوكرانيا، التي تستنزف موارد مالية وبشرية هائلة وتؤدي إلى تدهور صورة روسيا في نظر الرأي العام الدولي. إضافة إلى ذلك، جاءت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لتشكل عاملًا قد يؤثر على قرارات الغرب بشأن استمرار دعم أوكرانيا. كما أن روسيا كانت تعاني من عزلة سياسية واقتصادية متزايدة بسبب العقوبات المفروضة عليها، والتي حدّت بشكل كبير من وصول الكرملين إلى الأسواق العالمية والتقنيات المتقدمة.خلق السرديات حول ما يُزعم أنه نجاحات في السياسة الغازية كان وسيلة تستخدمها روسيا لتحويل الانتباه عن هذه التحديات. فالدعاية التي توحي بأن الدول الأوروبية قد عادت لقبول شروط روسيا المتعلقة بالدفع بالروبل كانت تهدف إلى التغطية على الضربات الرمزية التي تعرضت لها الاستراتيجية الطاقوية الروسية نتيجة تنويع مصادر الطاقة الأوروبية، وهي عملية بدأت بعد قطع إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا في عام 2022. على الرغم من أن هذه الأحداث كانت تُعتبر في البداية خطوة قوية من جانب الكرملين، إلا أنها أصبحت في النهاية دليلًا على فعالية استراتيجية الاتحاد الأوروبي للابتعاد عن الاعتماد على الموارد الروسية. ومع ذلك، حاولت الدعاية الروسية تقويض نجاح هذه الجهود من خلال بناء صورة زائفة تعتمد على استمرار اعتماد أوروبا على روسيا.كما استهدفت هذه السرديات الجمهور في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، حيث كانت تهدف إلى تعزيز مكانة روسيا في أوساط دول الجنوب العالمي. سعى الكرملين إلى تصوير نفسه كوسيط فعّال ومدافع عن مصالح هذه المنطقة، مما يتناقض مع صورة الغرب الذي يُنظر إليه في كثير من الأحيان في هذه الدول على أنه تدخلّي وإمبريالي. ومن خلال تسليط الضوء على ما وصفته الدعاية بالضعف الأوروبي أمام الضغوط الروسية، أكدت روسيا على فكرة أن التعاون معها أكثر استقرارًا وفائدة مقارنةً بالدول الغربية.هذا السرد المصمم بهذه الطريقة كان يخدم أهداف الكرملين السياسية والاقتصادية على جبهتين رئيسيتين. أولًا، سعى إلى تقويض مصداقية الغرب وقدرته على تنفيذ سياسة طاقوية فعالة، مما يؤدي في الوقت نفسه إلى إضعاف وحدة الاتحاد الأوروبي. ثانيًا، عزز صورة روسيا كشريك موثوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يدعم نفوذها ومكانتها في دول الجنوب العالمي.هذا النوع من التضليل الإعلامي لم يكن مجرد أداة لتعزيز الأهداف الدولية للكرملين، بل كان أيضًا وسيلة لتحويل الانتباه عن المشكلات الداخلية وتعزيز صورة روسيا كدولة قوية وقادرة على العمل بفعالية على الساحة العالمية.تقنيات الدعاية في استراتيجية الكرملينفي العملية التضليلية التي تم مناقشتها، استخدم الكرملين عدة تقنيات تلاعبية مميزة تعد جزءًا ثابتًا من ترسانة الدعاية الروسية. من أكثر الأساليب شيوعًا ما يُعرف بـ “إعادة تدوير المعلومات”، وهو تقديم أحداث من الماضي وكأنها وقائع حالية. تعتمد هذه السرديات على افتراض أن الجمهور قد لا يتذكر تفاصيل الأحداث التي وقعت قبل عدة سنوات، مما يفتح المجال للتلاعب بإدراكه.في حالة التضليل الإعلامي الذي حدث في نوفمبر 2024، استُغلت أحداث أبريل 2022،
التضليل الإعلامي: بيلاروسيا وروسيا تدافعان عن أوكرانيا ضد بولندا العدوانية
في الآونة الأخيرة، كثفت وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإخبارية المرتبطة بروسيا والصين حملاتها الدعائية الموجهة إلى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، حيث تصور بولندا كدولة معتدية، بينما تظهر بيلاروسيا وروسيا كمدافعتين عن أوكرانيا. تظهر في المصادر الدعائية المرتبطة بموسكو وبكين خطوط سردية واضحة تهدف إلى خلق البلبلة وزعزعة مصداقية بولندا وحلفائها. في الرسائل الإعلامية المقدمة، يمكن ملاحظة محاولة تصوير بيلاروسيا وروسيا كقوى تدافع عن استقرار المنطقة ضد “الطموحات الإمبريالية” لبولندا. تتماشى هذه الرواية مع السياق الأوسع للتأثير الاستراتيجي لروسيا والصين على الجماهير في الدول العربية، الذين قد يكونون أقل اطلاعاً على الأحداث الحقيقية في شرق أوروبا. خلق واقع بديل يصور بولندا كمعتدية ضد أوكرانيا، وبيلاروسيا (بالتحالف مع روسيا) كمدافعة عن الجار الأضعف، هو مثال على التلاعب الذي يستغل الثغرات المعرفية وقلة المعلومات لدى الجماهير في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أسلوب التلاعب يمثل هذا مثالاً كلاسيكياً على استراتيجية التلاعب المعلوماتي المعروفة باسم “الراية الزائفة” (false flag). من خلال عكس الأدوار والإيحاء بأن بولندا تخطط للعدوان، تعمل الدعاية الروسية والصينية على تقويض صورة الغرب كمدافع مستقر وديمقراطي عن الحرية. تهدف مثل هذه المعلومات المضللة إلى زعزعة الثقة في الدول الأوروبية، مع تعزيز موقف روسيا وحلفائها كجهات تحقق الاستقرار على الساحة الدولية. هدف الحملة تهدف هذه الحملة إلى تعزيز التعاطف مع روسيا وبيلاروسيا وإثارة المشاعر السلبية تجاه بولندا والغرب بشكل عام بين الرأي العام في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. قد تؤثر هذه الرسائل على العلاقات الدبلوماسية والسياسية وكذلك على فهم الجمهور للصراع الأوكراني. تستغل روسيا والصين هذه الروايات لتعزيز نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع بناء صورة لأنفسهما كمدافعين عن الاستقرار الدولي ومعارضين لـ “العدوان الغربي”. يمكن أن تؤدي مثل هذه التلاعبات الإعلامية إلى تشويه المشهد الجيوسياسي في المناطق البعيدة عن أوروبا، وهو ما يتماشى مع استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقويض التحالفات الدولية ونفوذ الغرب.