الأنشطة الدعائية الموجهة ضد تصور الغرب والقيم الديمقراطية في مصر

* * * * * * مصر، الواقعة في موقع استراتيجي عند تقاطع إفريقيا والشرق الأوسط، لطالما كانت نقطة مرجعية رئيسية لمبادرات سياسية واجتماعية متنوعة. ونظرًا لأهميتها الجيوسياسية، أصبحت البلاد في قلب أنشطة دعائية معقدة، وغالبًا ما تكون متنافسة، تهدف إلى تشكيل الرأي العام باتجاه عدم الثقة في الغرب والقيم الديمقراطية. هنا تتقاطع تأثيرات القوى العالمية، مثل روسيا والصين، التي تحاول تعزيز مكانتها في المنطقة، مع الحلفاء الغربيين التقليديين الذين لا يزالون يلعبون دورًا مهمًا في السياسة والاقتصاد المصري. وفي الوقت نفسه، يُظهر المجتمع المصري، الذي تأثر على مر السنين بالتدخلات الخارجية والتوترات الداخلية العديدة، قابلية للتأثر بالسرديات التي تدعم النماذج المحافظة والسلطوية للحكم. وفي ظل الوضع الاقتصادي غير المستقر والذكريات الحية للعصر الاستعماري، يجد الخطاب المناهض للغرب أرضية خصبة بسهولة، ويحظى بدعم إضافي في وسائل الإعلام الحكومية وغير الحكومية. وعلى الرغم من أن الشعور بالتهديد من الغرب يظل أحد الموضوعات البارزة، لا يمكن إغفال العوامل الثقافية أو التاريخية التي تؤثر على توزيع الميول السياسية. وفهم هذه الظواهر هو المفتاح لتطوير طرق فعالة لمواجهة المعلومات المضللة ودعم مواقف أكثر انفتاحًا وديمقراطية في المنطقة. المادة التالية هي أحد فصول تقرير: دراسة بيئة المعلومات في مصر، وتوضح حجم وسياق وعناصر الأنشطة التضليلية الموجهة ضد القيم الديمقراطية وتصوير الغرب في مصر. والملاحظات والتوصيات الواردة فيه ذات أهمية ليس فقط للمتخصصين في مجالات الاتصال أو الأمن، ولكن أيضًا للمنظمات غير الحكومية والبيئات الأكاديمية والمواطنين المهتمين بمستقبل مصر. الروايات الدعائية الرئيسية 1. الغرب كعدواني يُصوَّر الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة والناتو، كأنه المحرّض على الصراعات العالمية، لا سيما في سياق الحرب في أوكرانيا. تُبرز الروايات فكرة أن “روسيا أُجبرت على الدفاع” ضد الناتو. كما تُسلط الضوء على تدخلات الغرب في منطقة الشرق الأوسط (العراق، ليبيا، أفغانستان)، وتُقدَّم على أنها تحركات مدفوعة فقط بالمصالح الاقتصادية والجيوسياسية. 2. الديمقراطية كأداة للسيطرة تُعرض الديمقراطية وحقوق الإنسان كأدوات للسيطرة النيوكولونيالية التي يستخدمها الغرب للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر والدول النامية الأخرى. على سبيل المثال، تُنتقد المؤسسات المالية الغربية (مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) باعتبارها أدوات للاستغلال الاقتصادي. 3. ازدواجية المعايير يتهم الغرب بالنفاق، حيث يدعم حقوق الإنسان في مناطق معينة بينما يتجاهل الانتهاكات في الدول الحليفة له، مثل إسرائيل، وهو ما يثير إحباطًا خاصًا في مصر. 4. الهيمنة الثقافية تُصوَّر وسائل الإعلام الغربية على أنها تروّج للإسلاموفوبيا وتؤجج العداء تجاه المسلمين واللاجئين. كما تُبرز محاولات الغرب لفرض قيم ثقافية تتعارض مع الهوية الوطنية المصرية. 5. انتقاد السياسة الخارجية للغرب تُظهر وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالعربية الولايات المتحدة كدولة تسعى للحفاظ على الهيمنة العالمية من خلال التلاعبات المالية والسياسية، بهدف إضعاف الدول الأخرى وإبقائها تحت التبعية للمصالح الأمريكية. تُقدَّم الاتحاد الأوروبي على أنه تابع للسياسة الأمريكية، حتى لو كان ذلك على حساب مصالحه الاقتصادية والطاقة، مما يؤدي إلى أزمات داخلية وإضعاف مكانة أوروبا دوليًا. 6. التشكيك في وحدة وفعالية الناتو يُصوَّر الناتو كتحالف غير قادر على التعامل بفعالية مع التحديات الحديثة، وغالبًا ما تكون إجراءاته غير متسقة وغير فعالة. تشير وسائل الإعلام الروسية إلى الانقسامات الداخلية وغياب التوافق داخل الناتو، مما يؤدي إلى إضعاف موقعه كضامن عالمي للأمن. 7. تصوير القادة الغربيين بشكل سلبي يُظهر القادة الغربيون أحيانًا كغير أكفاء أو يتصرفون ضد مصالح شعوبهم، بهدف تقويض سلطتهم وشرعيتهم. تُبرز الروايات أخطاءهم وإخفاقاتهم السياسية، سواء على الصعيد الدولي أو الداخلي، مما يهدف إلى إثارة عدم الثقة تجاه القادة الغربيين. 8. دعم التحالفات والاتفاقيات البديلة تُروَّج مبادرات مثل مجموعة “بريكس” كبديل حقيقي للهياكل الاقتصادية والسياسية الغربية، مع الإشارة إلى أن التعاون مع الدول خارج الغرب يوفر فوائد أكبر واستقرارًا أفضل. تُبرز وسائل الإعلام الروسية النجاحات الناتجة عن التعاون مع دول مثل الصين، وتُقدمها كنموذج للشراكة الفعالة، على عكس العلاقات مع الغرب. تحليل الروايات تشير محتويات المنشورات التي تُصدرها وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالعربية إلى هيمنة الروايات التي تنتقد السياسة الخارجية والداخلية للدول الغربية، وتشكك في وحدة وفعالية الناتو، وتروج للتحالفات البديلة كخيارات أكثر فائدة للدول مثل مصر. غالبًا ما يتم تقديم القادة الغربيين بصورة سلبية، بهدف إضعاف مكانتهم في أعين الرأي العام المصري. الآليات الدعائية 1. القنوات والمصادر وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية: تستخدم الوكالات الحكومية الروسية مثل (Sputnik، RT) والمنصات الصينية مثل @mog_china لنشر محتوى يستهدف تقويض مكانة الناتو والغرب. وسائل الإعلام المحلية: تكرر المنصات الإعلامية المصرية بعض الروايات القادمة من الخارج، مما يعزز تأثيرها من خلال التركيز على الأحقاد التاريخية ضد الاستعمار. 2. التقنيات التلاعب بالحقائق: يُستغل إخراج المعلومات من سياقها، مثل الأحداث المأساوية المرتبطة بالمهاجرين، لتقديم الغرب كقوة مزعزعة للاستقرار. كما يُعزز الخطاب بشأن “خطط الغرب للسيطرة على مصر من خلال الديون والتدخل في السياسة الداخلية“. السرديات العاطفية: يُستغل تناول المواضيع الحساسة، مثل حقوق الفلسطينيين، لتعزيز انعدام الثقة تجاه الغرب. التأثير على الرأي العام 1. تصور الغرب يُنظر إلى الغرب كقوة مهيمنة تسعى لفرض مصالحها السياسية والاقتصادية على مصر. الإعجاب بـ“القيادة القوية” لفلاديمير بوتين في مواجهة الغرب يعزز الصورة الإيجابية لروسيا، خصوصًا بين المجموعات الاجتماعية المحافظة. 2. التأثير على القيم الديمقراطية تُعزز الدعاية الشكوك تجاه الديمقراطية كنظام سياسي، مع الترويج لنماذج بديلة للحكم مثل “الاستبداد المستقر“. 3. التوترات الاجتماعية تُعمّق الروايات الدعائية الانقسامات بين المؤيدين للإصلاحات المؤيدة للغرب والتقليديين الذين يرون الديمقراطية كتهديد للهوية الثقافية لمصر. رأي الخبير وفقًا للتشاور مع الشريك المحلي، يظهر المجتمع المصري قابلية عميقة لتبني السرديات المناهضة للغرب نتيجة لانعدام الثقة التاريخي تجاه القوى الخارجية والاعتقاد السائد بتدخل الغرب في شؤون المنطقة. يشير الخبير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بين الشباب، هي الوسيلة الرئيسية لنقل هذه السرديات. كما تم التأكيد على ضرورة تطوير مبادرات تعليمية لتعزيز مقاومة المجتمع للمعلومات المضللة. وفي الوقت نفسه، يرى الخبير أن المجتمع المصري يُظهر ميولًا قوية نحو روسيا والصين، نابعة من تصور هاتين الدولتين كقوى متوازنة في مواجهة الهيمنة الغربية. تُعتبر روسيا والصين “لاعبين عادلين” في السياسة العالمية، وتحظى رواياتهما بدعم واسع في وسائل الإعلام المصرية. كما أن المبادرات مثل مجموعة “بريكس” تعزز التصورات الإيجابية، من خلال التأكيد على دورها في مكافحة التفاوتات الاقتصادية. يشير الخبير إلى أن روسيا، من خلال اتفاقياتها مع مصر في القطاع الإعلامي، تعزز وجودها وتؤثر على السرديات الإعلامية في المنطقة. ويضيف أن تعاطف المصريين مع روسيا والصين ينبع من قدرتهما على تقديم نفسيهما كقوى متوازنة ضد الهيمنة الغربية. في الوقت ذاته، ورغم الحذر المصري في التعامل مع الغرب، فإن الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة وأوروبا يلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل سياسات البلاد. ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام المصرية، التي تُظهر استعدادًا أكبر للترويج للسرديات المؤيدة لروسيا، قد تصبح في المستقبل ساحة
مصر كهدف للعمليات المعلوماتية الروسية والصينية

* * * * * * خلال الفترة قيد التحليل (سبتمبر–ديسمبر 2024)، تميز المشهد الإعلامي المصري بنشاط مكثف في مجالات الدعاية والمعلومات المضللة من جانب روسيا، مع وجود صيني أكثر خفية ولكنه متسق. هدفت هذه الأنشطة إلى التأثير على الرأي العام المصري، والنخب السياسية، وكذلك الجمهور الإقليمي والدولي. كان الاتجاه الرئيسي للتأثير يتمثل في محاولة تقديم روسيا والصين كشريكين مستقرين يدعمان نظاماً عالمياً بديلاً ويكافحان هيمنة الغرب، مع التشكيك في مصداقية ونوايا الدول الغربية، بما في ذلك بولندا وحلف الناتو والولايات المتحدة. تظهر التحليلات أن مصر تمثل ساحة رئيسية لاختراق المعلومات من قبل هاتين القوتين بسبب موقعها الاستراتيجي وأهميتها الاقتصادية ومكانتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تستخدم العمليات المعلوماتية التي تقوم بها روسيا والصين في مصر التوترات القائمة، والضغوط الاقتصادية والطاقة، بالإضافة إلى القيود المفروضة على حرية الإعلام في البلاد، لبناء خطاب يصب في مصلحة بكين وموسكو، ويضر بصورة الغرب، بما في ذلك بولندا. تعمل الروايات الروسية بشكل هجومي على تقويض الثقة في دول الناتو والاتحاد الأوروبي، مقدمة إياها كقوى عدوانية تسعى إلى الهيمنة. في المقابل، تأتي الجهود الصينية بشكل أكثر خفية ولكنها تدعم هذا الخط من الحجة، مع الترويج أيضاً لبدائل اقتصادية ونظام عالمي متعدد الأقطاب. والنتيجة أن المجتمع المصري يتلقى صورة مشوهة للواقع الجيوسياسي، مما قد يؤثر على الخيارات الاستراتيجية طويلة المدى للقاهرة. لمواجهة هذا التأثير، يجب على بولندا والدول الغربية العمل بنشاط في مجال الدبلوماسية العامة، وتعزيز الإعلام المستقل، ودعم التعددية المعلوماتية، والترويج لروايات إيجابية تستند إلى الحقائق بشأن التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والثقافي. بدون جهود منسقة، ستستمر الأنشطة المعلوماتية المضللة الروسية والصينية في إعاقة التعاون الفعّال مع مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. اتجاهات وسرديات العمليات الروسية للتأثير السرديات المناهضة للغرب وحلف الناتو: تواصل روسيا الترويج لسرديات تصور حلف الناتو، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة كجهات معتدية وقوى زعزعة استقرار ذات طموحات إمبريالية جديدة. تُبرز بولندا، كواحدة من الأعضاء الرئيسيين في حلف الناتو ودولة مجاورة لأوكرانيا، بشكل متكرر في الدعاية الروسية كمدبرة مزعومة أو مستفيدة من “خطة” تقسيم أوكرانيا. تعرض الدعاية الروسية عبر وسائل الإعلام الناطقة بالعربية في مصر، مثل وكالة سبوتنيك عربي، بولندا والدول الغربية كقوى تسعى لاحتلال أوكرانيا تحت غطاء “مهمة سلام“، مع محاولة تعزيز الاعتقاد بأن الغرب يمارس معايير مزدوجة لتحقيق أهداف إمبريالية مخفية. تهدف هذه السرديات المناهضة للغرب والناتو إلى تقويض ثقة المجتمع المصري في الدول الغربية (الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة)، وفي الهياكل مثل حلف الناتو، وكذلك في حلفائهم (بما في ذلك بولندا). تصور الدعاية الروسية الغرب كقوة عدوانية وإمبريالية تفرض إرادتها على الدول الأخرى. وفي هذا السياق، يتم تصوير الناتو على أنه ليس تحالفًا دفاعيًا بل أداة للهيمنة السياسية والعسكرية. في السياق المصري، تستغل هذه السرديات حساسية المنطقة تجاه التدخلات الغربية (مثل الحرب في العراق وليبيا، أو دعم الغرب لإسرائيل) والوضع الاقتصادي والطاقوي الصعب في مصر. تصوغ روسيا سردًا يصور العالم على أنه مكان تقدم فيه روسيا والصين بديلًا للنظام الغربي الحالي “غير العادل” والمهيمن. الاستفادة من المشاعر المناهضة لإسرائيل في معارضة الغرب: نظرًا لأن القضية الفلسطينية ودور إسرائيل يحتلان مكانة بارزة في السرديات الشرق أوسطية، تعمل الدعاية الروسية والمصادر المؤيدة لها في المنطقة على ربط انتقاد الغرب بخطاب مناهض لإسرائيل. يتم تقديم الغرب كراعٍ لإسرائيل، مما يعزز في نظر العديد من المتلقين في مصر أو في العالم العربي عمومًا الصورة السلبية لحلف الناتو والولايات المتحدة. بولندا ودول الجناح الشرقي للناتو كـ “أدوات” و“دمى” للغرب: يتم تصوير حلف الناتو كمنظمة تتوسع عمدًا شرقًا، مما يشكل تهديدًا لأمن الدول الأخرى. تروج الدعاية الروسية لادعاءات حول خطط مزعومة لنشر قوات غربية في أوكرانيا تحت ستار “قوات حفظ السلام“، وهو ما يُفسر كاحتلال فعلي للبلاد. تُعرض دول مثل بولندا، رومانيا، ودول البلطيق كامتداد لسياسات الولايات المتحدة وحلف الناتو، دون استقلالية سياسية، بهدف إضعاف صورتها كجهات فاعلة مستقلة. يتم تكوين انطباع بأن هذه الدول تنفذ طموحات أمريكية، مثل الخطط المزعومة لتقسيم أوكرانيا، أو ضم الأراضي، أو عسكرة الحدود الشرقية. شيطنة المساعدات الغربية لأوكرانيا: تُقدم المساعدات العسكرية والمالية المقدمة لأوكرانيا على أنها خطوة لجذب البلاد إلى الهياكل الغربية بهدف إخضاعها لمصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. تتجاهل هذه السردية الأسباب الفعلية للدعم (مثل العدوان الروسي على أوكرانيا ورغبة الغرب في الدفاع عن السيادة الأوكرانية)، وبدلاً من ذلك تركز على مزاعم حول “استعمار” أوكرانيا أو استغلال مواردها. استغلال معاداة السامية ونظريات المؤامرة: روج دعاة الدعاية الروسية لسرديات كاذبة حول مزاعم هجرة جماعية لليهود إلى أوكرانيا عبر بولندا. الهدف من ذلك إثارة الشكوك والعداء داخل المجتمعات العربية، الحساسة تجاه القضايا المتعلقة بفلسطين وإسرائيل. تسعى روسيا من خلال ذلك إلى الجمع بين الخطاب المناهض لإسرائيل والخطاب المناهض للغرب، لتعزيز الصورة السلبية لبولندا في أعين المصريين، كمشارك مزعوم في أنشطة استعمارية أو تلاعبية. خلق صورة زائفة لروسيا كـ “شريك مستقر وصديق“: تحاول الدعاية الروسية باستمرار تقديم روسيا كبديل مستقر وصديق للغرب، متجنبة تسليط الضوء على تصرفاتها العدوانية، ومقدمة نفسها كداعم للنظام العالمي المتعدد الأقطاب وحامي السيادة الوطنية للدول. بناء صورة روسيا كمدافع عن النظام العالمي متعدد الأقطاب: تُبرز الرسائل الروسية التعاون مع مصر في إطار مجموعة “بريكس“، مع التركيز على الاستقلال عن الدولار والمؤسسات الغربية. قام الدبلوماسيون الروس ووسائل الإعلام الرسمية بتسليط الضوء على المشاريع البنية التحتية، مثل محطة الضبعة للطاقة النووية، كدليل على متانة الشراكة بين موسكو والقاهرة وفوائدها. كما تم الترويج لروايات عن جمع تبرعات لجنود روس يقاتلون في أوكرانيا، قيل إنها تأتي من العديد من الدول، بما في ذلك بولندا، في محاولة لإظهار أن روسيا تحظى بدعم دولي، حتى في الدول التي يُنظر إليها على أنها موالية للناتو. تعزز هذه الرسائل الانطباع بأن روسيا تحظى بتأييد شعبي عالمي على الرغم من الانتقادات الرسمية من الغرب. الاتجاهات الرئيسية والسرديات في العمليات الإعلامية الصينية: تعمل الصين بشكل أقل مواجهة مقارنة بروسيا، وتركز على الجوانب الاقتصادية، والبنية التحتية، والتكنولوجية. في الوقت نفسه، تدعم بكين بشكل غير مباشر الروايات الروسية المناهضة للغرب والناتو، لتعزيز صورة التعاون مع روسيا في معارضة الغرب. المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZone): تروج الصين بشكل مكثف لاستثمارات الشركات الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما يخلق بديلًا للاستثمارات الغربية ويقلل من اعتماد مصر على الغرب. تبرز وسائل الإعلام الصينية والقنوات المؤيدة لها في مصر قيمة المشاريع الجديدة والدور المتزايد للصين في تحديث الاقتصاد المصري. ورغم تجاهل روسيا والصين للسياقات الجيوسياسية السلبية، تسعى الصين إلى تقديم نفسها كشريك قادر على دعم مصر في التحول في قطاع الطاقة، من خلال مشاريع الطاقة الخضراء وتطوير التكنولوجيا الحديثة. تهدف هذه الجهود إلى خلق انطباع بأن الصين تقدم بديلًا حقيقيًا للحلول الغربية. الدعم
خطة لوكاشينكو: زعزعة استقرار بولندا و أوروبا
خطة لوكاشينكو: زعزعة استقرار بولندا و أوروبا القدوم إلى بيلاروسيا ليس طريقة سهلة للهجرة إلى أوروبا، بل انخراط في وسط صراع بين روسيا وبيلاروسيا مع بولندا ودول أوروبية أخرى. ويندرج هذا الصراع في إطار السياسة الإمبراطورية العدوانية التي تنتهجها روسيا، ويمكن رؤية آثارها في أوكرانيا المجاورة لبولندا وبيلاروسيا وروسيا، حيث تستمر الحرب نتيجة الغزو الروسي. لقد مات أكثر من مئة الف شخص هناك بالفعل. وأصيب مئات الآلاف، وفر عدة ملايين من المدنيين بحثًا عن ملجأ في المقام الأول في بولندا. إن أي محاولات لعبور الحدود البولندية بشكل غير قانوني في مثل هذه الظروف هي جنون، وفي الوقت نفسه هي جزء من الأعمال العدائية تجاه بولندا وأمنها، بغض النظر عن نوايا المهاجرين. هل يمكنك أن تتخيل أنه خلال الحرب ضد داعش، سيسمح الجيش والأجهزة الأمنية في العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، بحرية للمهاجرين من البلدان الأخرى بالمرور، ويحاولون عبور الحدود بشكل غير قانوني ويتجاهلون جميع أنظمة وقواعد السلامة؟ ولذلك فمن الصعب أن نتوقع من بولندا أن تتصرف بشكل مختلف وألا تسترشد في المقام الأول بأمنها. وتميز بولندا بين المهاجرين واللاجئين، ولا يعتمد الأمر على الدين أو لون البشرة، بل على سبب عبور الحدود. وكان الأمر نفسه في العراق خلال الحرب مع داعش. واللاجئون هم الذين فروا من الإرهابيين في الموصل وسنجار وتلعفر وغيرها من الأماكن التي تحتلها جحافل داعش. ولم يكونوا من سكان بنغلادش أو الفلبين أو جورجيا أو باكستان القادمين للعمل في أربيل أو بغداد أو النجف. كما أنهم لم يكونوا مواطنين من دول أوروبية أو آسيوية أو إفريقية مختلفة، حيث وصلوا بنوايا سيئة، مثل تشكيل تهديد إرهابي أو التجسس أو الانضمام إلى داعش. ولهذا السبب هناك أجهزة أمنية وقواعد عبور حدودية للتحقق من ذلك. وفي حالة تهديد الأمن القومي، وبولندا حاليا في مثل هذا الوضع، تماما كما كان العراق أثناء الحرب مع داعش، فإن هذه القواعد مقيدة بشكل خاص، ويمكن للأشخاص الذين يحاولون انتهاكها أن يتوقعوا ردا حاسما. قبلت بولندا اللاجئين من أوكرانيا، بغض النظر عما إذا كانوا أوكرانيين أو أجانب يدرسون أو يعملون هناك، بما في ذلك العراقيون والأكراد والعرب والهندوس والمسلمون وغيرهم. ومع ذلك كان على الجميع عبور الحدود في أماكن محددة، أي المعابر الحدودية، وتقديم المستندات والالتزام بتعليمات حرس الحدود البولندي. ولم يختلف الأمر في حالة الفارين من مناطق داعش. كيف سيكون رد فعل الأجهزة العراقية بما فيها الأجهزة الكردية، إذا حاولت مجموعات أو أفراد تجاوز نقاط التفتيش، أو هربوا من الضباط الذين يقومون بعمليات التفتيش، أو هاجموهم برشق الحجارة أو القضبان أو أغصان الأشجار؟ خاصة إذا كانوا لا يزالون تحت قيادة إرهابيي داعش؟ والأجهزة البيلاروسية المعادية لبولندا هي التي تنظم مجموعات المهاجرين لمهاجمة بولندا وضباطها وجنودها. بهذه الطريقة يريدون إثارة سفك الدماء. يشكل المهاجرون الذين يحاولون عبور الحدود البولندية البيلاروسية بشكل غير قانوني تهديدًا لأمن بولندا، وينتهكون القانون البولندي وقانون الاتحاد الأوروبي، ويجب أن يأخذوا في الاعتبار نفس رد الفعل من الأجهزة البولندية مثل الأشخاص الذين يحاولون العبور من مناطق داعش وتجنب السيطرة. بالنسبة لبولندا، لا يوجد فرق بين داعش ونظام بوتين ودكتاتور بيلاروسيا التابع له – لوكاشينكو. ويحاكم بوتين بالفعل على جرائمه من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وهذا مجرد غيض من فيض. الروس وضباط نظام لوكاشينكو مسؤولون عن العديد من الفظائع والاغتصاب والقتل. ولذلك فإن كل من ينضم إلى خطة لوكاشينكو وبوتين ضد بولندا لا بد أن يواجه عواقب وخيمة. اللاجئون في بولندا ونشاط التهريب تحاول الدعاية الروسية والبيلاروسية تقديم صورة زائفة عن بولندا وموقفها تجاه اللاجئين. إن حقيقة أن بولندا قبلت عدة ملايين من اللاجئين الأوكرانيين وبنت حاجزًا على الحدود مع بيلاروسيا وتصد الأشخاص الذين يحاولون عبور الحدود يُزعم أنها دليل على ازدواجية المعايير والعنصرية. وهذا بالطبع محض هراء. بداية فر الأشخاص القادمون من أوكرانيا من المناطق التي مزقتها الحرب، كما كان الحال مع الأشخاص الفارين من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش إلى إقليم كردستان أو المناطق التي تسيطر عليها القوات الفيدرالية العراقية. إن الأشخاص الذين يحاولون عبور الحدود البيلاروسية البولندية يأتون إلى بيلاروسيا بطريقة قانونية، ويدفعون ثمنها لشركات مرتبطة بنظام معاد لبولندا، ثم يحاولون خرق القانون البولندي، الأمر الذي يشكل تهديداً لأمن بولندا. وسواء كانوا على علم بذلك أم لا، فلا يهم. ومن الجدير بالذكر أن بولندا قبلت أيضًا عشرات الآلاف من اللاجئين من بيلاروسيا (مواطني هذا البلد)، الذين كانوا معرضين لخطر السجن هناك بسبب أنشطتهم المعارضة. اللاجئون هم الأشخاص الذين يفرون من الحرب أو الاضطهاد، وليس أولئك الذين يريدون العيش في بلد آخر لأنهم يعتقدون أنهم سيكونون أفضل حالًا هناك. من وجهة نظر قواعد عبور الحدود مع بولندا، لا يهم ما إذا كان الأشخاص الذين أتوا إلى بيلاروسيا معرضون لأي خطر هناك، وما إذا كانوا قد وضعوا هناك أمام الكلاب الشرسة من قبل ضباط النظام البيلاروسي، وما إذا كانوا يتعرضون للضرب ويتم دفعهم إلى الحدود البولندية كالحيوانات، سواء تم معاملتهم على أنهم أقل من البشر. نعم، هذه هي بيلاروسيا لوكاشينكو، ومن يريد الذهاب إليها عليه أن يعلم أنه معرض لمثل هذه العواقب. إن الشركات التي تشجع هذه الهجرة تكذب ويجب توجيه الشكاوى إليها وليس إلى بولندا. لا تتحمل بولندا أي مسؤولية عن كيفية معاملة المهاجرين في بيلاروسيا، ويتم معاملتهم بطريقة وحشية، تمامًا كما يعامل داعش الناس. إلا أن بولندا لن تتفاوض مع إرهابيي لوكاشينكو الذين يعاملون المهاجرين كرهائن، ويحاولون إرغامها على تغيير سياستها من خلال اللعب على وتر المأساة الإنسانية والابتزاز العاطفي. وإذا رضخت بولندا، فإنها لن تؤدي إلا إلى تفاقم مأساة أعظم، لأنها ستشجع الإرهابيين الروس البيلاروسيين على اجتذاب المزيد من المهاجرين وتعريضهم للمعاناة. ولذلك فإن بولندا لن تفتح حدودها أمام أي شخص سيعامل بهذه الطريقة من قبل البلطجية الروس البيلاروسيين. ويجب إغلاق فروع هذه الممارسة العاملة في دول أخرى، بما فيها العراق، أي الوسطاء الذين ينظمون مثل هذه الهجرة، ومعاملة الأشخاص الذين يعملون هناك كمجرمين، لأنهم لا يختلفون عن الخلايا التي تنظم التجنيد في صفوف داعش. وينبغي أيضًا أن يكون من دواعي الشرف لأقارب الأشخاص الذين عانوا خلال هذه الرحلة أن يعاقبوا هؤلاء المجرمين. لأن الخطأ يقع على من ينظم هذه الرحلات ويأخذ عليها أموالا طائلة، وليست بولندا التي تدافع عن حدودها كما تفعل كل الدول الأخرى. ولا يهم أيضًا ما إذا كانت بولندا بلد مقصود للمهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود بشكل غير قانوني أو بلد عبور، لأنهم يحاولون الوصول إلى دول أوروبية أخرى وخاصة ألمانيا. والحقيقة هي أنه في أي إعلانات تشجع الهجرة غير الشرعية فإن بولندا ليست بلد المقصد، لذلك لا يتعلق الأمر بأي شخص يرغب في اللجوء إلى بولندا. للأسف، إذا یعتقد شخص ما أن
سبب الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا
سبب الحرب في أوكرانيا هو خطط إعادة بناء الإمبراطورية من قبل القوة العدوانية و هي روسيا. وفي عام 2005، وصف الزعيم الروسي فلاديمير بوتين انهيار الاتحاد السوفييتي بأنه “أعظم كارثة جيوسياسية في القرن العشرين”. وأعرب لاحقا عن أسفه مرات عديدة لتصفية هذا الكيان الاستعماري الامبريالي. أثناء توقيعه على اتفاقيات ضم المناطق الأوكرانية دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوروجي، صرح مرة أخرى أن انهيار الاتحاد السوفييتي كان “كارثة وطنية” زُعم أنها “مزقت وحدتنا الوطنية”. کما لو أن البريطانيون أيضًا أعربو أن أسفهم بسبب انهيار إمبراطوريتهم. ويحاول بوتن أن يفرض نسخته الاستعمارية من التاريخ على روسيا، بأنها “روسيا المقدسة”، التي شاءها الله لغزو الدول المجاورة. وفي هذا السياق، ادعى أن أوكرانيا “ليست مجرد دولة مجاورة لنا… إنها جزء لا يتجزأ من تاريخنا وثقافتنا وفضاءنا الروحي”. وکمیة الحقيقة في هذا القول كما لو قلنا بأن الدول التي نشأت بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية ليست مجرد دول مجاورة لتركيا، ولكنها جزء لا يتجزأ منها. وكما أن أياً من العراقيين لن يوافق على هذا التوجه، فإن الأوكرانيين يرفضون كلمات بوتن. إن أطروحته القائلة بأن الأوكرانيين هم “الروس الصغار” جزء من الأمة الروسية العظيمة هي مجرد صفعة على وجه الأوكرانيين. ولم تعط أوكرانيا ولا أي دولة أخرى روسيا أي سبب للخوف على أمنها. ومنذ بداية غزوها، ظلت روسيا تكذب في هذا الأمر، مستخدمة استياءات متعددة، منها: في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق، فيما يتعلق بالغرب وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية. ومن الجدير بالذكر أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، لم يهاجم أي بلد روسيا، على الرغم من أنها فعلت ذلك مرات عديدة. واحتل الاتحاد السوفييتي الذي تهيمن عليه روسيا مثلا بولندا في الفترة 1945-1993، وغزت المجر في عام 1956 وتشيكوسلوفاكيا في عام 1968، ناهيك عن غزو أفغانستان والعديد من الاعتداءات الاستعمارية الإمبريالية الأخرى. بولندا، مثل العديد من دول أوروبا الوسطى الأخرى، على الرغم من الضرر الهائل الذي لحق بها من قبل روسيا، حاولت الحفاظ على علاقات ودية معها على أساس الاحترام المتبادل والمعاملة المتساوية. ومع ذلك، فإن روسيا لا تريد أن تكون دولة طبيعية، بل إمبراطورية. ولم يهدد أحد على الإطلاق أراضي روسيا وسيادتها وسلامة أراضيها. وينطبق هذا أيضًا على حركات التحرر الوطني في المستعمرات الروسية، أي المناطق التي تم احتلالها بشكل رئيسي في القرن التاسع عشر، والتي لا علاقة لها بروسيا ثقافيًا وعرقيًا وتاريخيًا، على سبيل المثال الشيشان وبورياتيا وكالميكيا وغيرها. ورغم أن الوضع الاستعماري لهذه المناطق يعد ظلماً تاريخياً، إلا أنه من أجل بناء علاقات ودية مع روسيا، قررت الدول اعتباره من شؤون روسيا الداخلية. لكن هذا لا يكفي بالنسبة لروسيا. إنها تعتقد أن الدول ذات السيادة التي كانت ذات يوم جزءًا من إمبراطوريتها يجب أن تكون تابعة لها. وينطبق هذا بشكل خاص على أوكرانيا، فضلا عن بيلاروسيا، ولكن أيضا على بولندا والعديد من البلدان الأخرى. ومن هذا المنظور، تعتبر روسیا الحد من مجال نفوذها الإمبراطوري من خلال القرارات السيادية للدول المتحررة من نيرها بمثابة “هجوم” على نفسها. ولا يمكن لأية دولة حرة أن تقبل مثل هذا النهج. ضمانات استقلال أوكرانيا والانفصالية الموالية لروسيا لم يكن انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 نتيجة للحرب أو الضغوط الخارجية، بل تم الاتفاق عليه من قبل زعماء روسيا السوفييتية وبيلاروسيا وأوكرانيا في اجتماع عقد في بياوفيجا في ديسمبر 1991. وهكذا ولدت أوكرانيا من جديد كدولة مستقلة. وفي الاستفتاء الذي أجري آنذاك، أيد 90% من الناخبين الاستقلال، وبلغت نسبة المشاركة 84%. في المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا حاليًا، كان 84% في لوهانسك أوبلاست، و77% في دونيتسك أوبلاست، و90% في خيرسون أوبلاست، و54% في شبه جزيرة القرم يؤيدون الاستقلال. ولم تعترف روسيا دون تحفظ باستقلال أوكرانيا فحسب، بل واعترفت أيضاً بحدودها. فضلاً عن ذلك فقد وقعت في ديسمبر/كانون الأول 1994 على مذكرة بودابست، التي أعلنت فيها نفسها ضامناً لوحدة أراضي أوكرانيا في مقابل تخلي أوكرانيا عن ترسانتها النووية. ظهرت النزعة الانفصالية الموالية لروسيا فجأة في عام 2014، عندما قررت روسيا معاقبة أوكرانيا بسبب سعيها إلى تحقيق قدر أكبر من الاستقلال. لم يكن الأمر يتعلق على الإطلاق بخطة قبول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، لأن العديد من أعضاء الناتو عارضوها، وبالتالي كانت غير واقعية على الإطلاق. ولكن حتى لو انضمت أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، فإن الأمر يتعلق بقرارها السيادي وقبولها لأعضاء آخرين في حلف شمال الأطلسي، وليس مسألة إمبراطورية عدوانية تغتصب حق اتخاذ القرار بشأن الآخرين. وينبغي لشعب العراق أن يفهم ذلك. في عام 2014، خرج الأوكرانيون إلى الشوارع للاحتجاج على الحكومة الموالية لروسيا، حيث سافروا بشكل متزايد إلى بولندا المجاورة ورأوا الفجوة بين الطريقة التي يعيش بها البولنديون وكيف يعيشون. أراد الشباب الأوكراني بشكل خاص أن يتطوروا وأن تكون لهم آفاق مثل غيرهم من الأوروبيين، ولهذا السبب أرادوا أن تبدأ أوكرانيا في الاندماج مع الاتحاد الأوروبي. وعندما اغتنمت السلطات الموالية لروسيا هذه الفرصة، جفت مرارتهم، فقرروا الاحتجاج والإطاحة بالرئيس آنذاك. أراد الأوكرانيون الإندماج مع الهياكل الاقتصادية (لم يفكر أحد قبل العدوان الروسي في أي أسلحة غربية أو حلف شمال الأطلسي). هل يمكنك إلقاء اللوم عليهم؟ ألا يريد الشباب العراقي أيضاً أن يعيشوا حياة أفضل؟ ومع ذلك، لم تكن النزعة الانفصالية المذكورة مرتبطة بأي أقلية قومية تسعى إلى الاستقلال، لأنه لم تكن هناك أبداً دولة دونيتسك أو لوهانسك أو جزيرة القرم (القومیة الوحیدة في هذە الجزیرة هي التتار، الذين يدعمون أوكرانيا). منذ البداية، كان هدف “الانفصالية” هو سرقة الأراضي الأوكرانية وضمها إلى روسيا، وفرض نظام موالي لروسيا على أوكرانيا. تم تنظيم “الانفصالية” من قبل عملاء أجهزة الأمن الروسية والمرتزقة والجنود الذين تم إرسالهم إلى شبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوهانسك. وقد أُطلق عليهم اسم “الرجال الخضر الصغار” لأنهم كانوا يعملون بزي رسمي بدون علامات، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي. إن نشاط جنود دولة أجنبية على أراضي دولة أخرى يعد غزوًا مخالفًا لميثاق الأمم المتحدة، وهذا هو بالضبط ما کان یعمل “الرجال الخضر الصغار” على أراضي أوكرانيا. كانت أوكرانيا أضعف من أن تقاوم في ذلك الوقت. وأدى الحكم الفاسد للرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش إلى تفكك الجيش وتسلل الخونة إليه. وقد أطاحت ثورة شعبية بيانوكوفيتش نفسه في عام 2014 وفر من أوكرانيا إلى روسيا خوفا من المسؤولية الجنائية. وتدعي روسيا الآن أنها لا تزال الرئيس الشرعي، على الرغم من إجراء الانتخابات في أوكرانيا عدة مرات في هذه الأثناء. العدوان الروسي لذلك غزت روسيا أوكرانيا في عام 2014 والحرب مستمرة منذ ذلك الحين. وتقاتل أوكرانيا من أجل استعادة وحدة أراضيها التي ضمنتها روسيا في عام 1993، وليس لديها أي مطالبات إقليمية في الأراضي الروسية. كما أنه لا يريد تغيير